للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

الجوزي: ليس المراد من قوله: "اعْمَلُوا" الاستقبال، وإنما هو للماضي، وتقديره، أي: عمل كان لكم فقد غفرته قال: ويدل على ذلك شيئان:

أحدهما: أنه لو كان للمستقبل كان جوابه قولهُ: سأغفر لكم.

والثاني: أنه كان يكون إطلاقًا في الذنوب، ولا وجه لذلك.

وحقيقة هذا الجواب إنِّي قد غفرت لم بهذه الغزوة ما سلف من ذنوبكم، لكنَّه ضعيف من وجهين:

أحدهما: أنَّ لفظ " اعملوا " يأباهُ؛ فإنه للاستقبال دون الماضي، وقوله: " قد غفرتُ لَكُمْ " لا يوجب أن يكون "اعملوا" مثلهُ؛ فإنَّ قوله: "قد غفرتُ لكُمْ" تحقيق لوقوع المغفرة في المستقبل، كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} ونظائره.

الثاني: أنَّ نفس الحديث يرده، فإنَّ سببه قصَّة حاطب وتجسسه على النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك ذنب واقع بعد غزوة بدر لا قبلها، وهو سبب الحديث فهو مراد منه قطعًا، فالذي يظهر في ذلك -والله أعلم- أنَّ هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه وتعالى أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مُصرِّين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحُو أثر ذلك.

ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهِم، لأنه قد تحقق ذلك فيهم،