وقد أشار ابن خزيمة إلى أن من عَدا "أبا هشام" من هؤلاء، روايتهم بلفظ "مستدبر القبلة متوجهًا نحو الشام" أو بمعناه/ انظر صحيح ابن خزيمة الموضع السابق، وهذه الرواية كما ترى مخالفة لرواية أبي هشام التي بلفظ: استقبال القبلة، كما تقدم، ومع هذا فإن ابنَ خزيمة لم يتعقب رواية أَبي هشام هذه بشيء، بل بوب على الروايتين بما يدل على احتجاجه بهما معًا، أعني رواية "استقبال القبلة" وراية "استدبارها"/ انظر صحيح ابن خزيمة - الطهارة - ترجمة الباب ٤٤ ج ١/ ٣٤. ومثل هذا سلك الطحاوي/ شرح معاني الآثار - الكراهة - باب استقبال القبلة بالفروج للغائط ٤/ ٢٣٥، وكذا ابن حبان - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ٢/ ٤٩٦ - ٤٩٨. مع أن المخالفةَ بين الروايتين واضحة، والجمْعَ بينهما غيرُ متحقق -كما مر- لعدم تحقق تعدد الواقعة، بل إن الطحاوي لما أراد الجمع بين رواية الاستقبال هذه من طريق ابن عمر، وبَين رواية ذلك من طريق أبي قتادة، الآتية بعد قليل، لما أراد الطحاوي هذا، لم يَسَعْه إلا إشراكهما معًا في رؤية واحدة، فقال: (إن أبا قتادة) قد يكون رآه -صلى الله عليه وسلم- حيث رآه ابن عمر، فيكون معنى حديثه وحديث ابن عمر سواء/ شرح معاني الآثار الموضع السابق. أقول: ومع أن الطحاوي لَو بنى الجمعَ بين هذين الحديثين على احتمال تعدد الواقعة بناء على تعدد الصحابي، لكان احتمالًا أقرب؛ لكنه لم يتجه لهذا الاحتمال مع وجاهته، فمن باب أولى يكون جمعه هو أو غيره بين روايتي الاستقبال والاستدبار من طريق ابن عمر وحده، دون تحقق تعدد الواقعة أمر غير مستقيم، وقد مر قول الزركشي بوجوب ترجيح الاستدبار، في حديث ابن عمر، وسيأتي نحوه عن غيره. وقد رَوَى الحديثَ بلفظ "الاستقبال" عن وُهَيْب أيضًا، ابراهيمُ بن الحجَّاج، =