وهناك رواية للحديث عن يحيى بن سعيد أيضًا، ولكنها تخالف ما اتفق هؤلاء السبعة على روايته عنه، فقد أخرج ابن عبد البر عن شيخين له، أحدهما عبد الوارث بن سفيان بسنده إلى مُسدَّد قال: حدثنا حفص بن غِياث عن يحيى بن سعيد، به، بلفظ: أن ابن عمر قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- قاعدًا على لبنتين يقضي حاجته متوجهًا نحو القبلة أو بيت المقدس/ التمهيد ١/ ٣٠٥. وتلك الرواية كرواية أبي يعلي الموصلي السابقة، تفيد شك الراوي بين الاستقبال للقبلة والاستدبار لها، وقد ذكر ابن عبد البر أن لفظة "أو بيت المقدس" والتي أفادت الشك، قد جاءت في رواية شيخه عبد الوارث وحدَه، أما شيخه الآخر سعيد بن نصر فقد روى له الحديثَ بسند آخر إلى أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد، به، بلفظ "متوجهًا نحو القبلة" فقط بدون لفظة "أو بيت المقدس"/ التمهيد/ الموضع السابق. ويبدو أن تلك الرواية التي بدون عبارة الشك هي المعتمدة من طريق حفص هذه، فقد أخرجها ابن أبي شيبة في مُصنفه عن حفص بن غِياث، به، بلفظ: "متوجهًا نحو القبلة" فقط. وهكذا أخرجها ابن عبد البر بنحوها عن شيخه عبد الوارث نفسه، وذلك بعد روايته السابقة، التي تفيد الشك، ومن طريق آخر كما سيأتي/ وانظر التمهيد ١/ ٣٠٦. ومن التخريج السابق يتضح لنا: أن روايتي ابن أبي شيبة وابن عبد البر بلفظ: "التوجه نحو القبلة"، وأن مدارهما عندهما على حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد. وحفص ثقة مأمون فقيه، لكن تغير حفظه قليلًا بآخِرِه، وعدَّه ابن حجر من الطبقة الأولى من المدلسين، فتدليسه نادر غير قادح فيه/ تقريب التهذيب =