وكان الصحابة يعتزون بعلمه، ويعتبرونه مرجعهم في كل ما يعن لهم من القضايا والفتاوى، وكان عمر شديد الاعتزاز به وكثيرا ما يؤخذ برأيه ويفاخر بعمله الصحابة، وكيف لا وهو الذي ناله هذا الدعاء النبوي المبارك:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" , وعن ذكائه وفطنته وتوقد ذهنه وحسن خبرته حدث ولا حرج، ولذا ولاه على البصرة وكان أحد أعمدته في صراعه المرير.
وقد كثر مرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لشدة قربه منه ويسر دخوله عليه، وحصول بركة الدعاء له، وشدة ذكائه ونهمه في الطلب, ثم طول عمره.
وبلغ ما روى له ألف حديث وستمائة وستين حديثًا، أخرج منها الشيخان مائتين وأربعة وثلاثين حديثا، اتفقا منها على خمسة وسبعين، وانفرد البخاري بمائة وعشرة أحاديث ومسلم بتسعة وأربعين.
وقد توفي ابن عباس بالطائف١ سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة أثناء محنة عبد الله بن الزبير, وكان قد كف بصره في آخر عمره وأثر عنه قوله:
١ انظر ترجمته في الاستيعاب ج٢ ص٣٥٠-٣٥٧, بهامش الإصابة وعمدة القاري ج١، ص٧٠, والإصابة ج٢، ص٣٣٠-٣٣٤, وتذكرة الحفاظ ج١، ص٤٠-٤٢, وطبقات الحفاظ ص١٠, ودليل الفالحين ج١، ص٧٠, وصفة الصفوة ج١، ص٧٤٦-٧٥٨.