للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ:

أَلَا يَا لقَومي للصبابةِ والهجرِ ... وللحزنِ مِنِّي والحرارةِ فِي الصدرِ١

وللدمعِ مِنْ عينيَّ جَوْدًا كَأَنَّهُ ... فريدُ هَوَى مِنْ سِلكِ ناظمةٍ يَجْرِي

عَلَى البطلِِ الحلوِ الشَّمَائِلِ إذْ ثَوى ... رهينَ مقامٍ للرَّكيةِ مِنْ بدرِ

فَلَا تبعُدْن يَا عمرُو مِنْ ذِي قرابةٍ ... وَمِنْ ذِي نِدَامٍ كَانَ ذَا خُلُقٍ غمرِ٢

فَإِنْ يَكُ قَوْمٌ صَادَفُوا منكَ دَوْلةً ... فَلَا بُدَّ لِلْأَيَّامِ مِنْ دُوَلِ الدهرِ

فَقَدْ كنتَ فِي صَرْف الزمانِ الَّذِي مَضَى ... تُريهم هَوانًا مَنك ذَا سُبُلٍ وَعْرِ

فإلا أمُتْ يا عمرو أتركْك ثَائِرًا ... وَلَا ابقِ بُقْيا فِي إخاءٍ وَلَا صِهْرِ٣

وَأَقْطَعُ ظَهْرًا مِنْ رجالٍ بِمَعْشَرٍ ... كرامٍ عَلَيْهِمْ مثلَ مَا قَطَعُوا ظهرِي

أغرَّهم مَا جمَّعو مِنْ وَشيظةٍ ... ونحنُ الصميمُ فِي القبائلِ مِنْ فِهْرِ٤

فيا لَلُؤَي ذَبِّبوا عَنْ حريمِكم ... وآلهةٍ لَا تَتْرُكُوهَا لِذِي الفَخْرِ

تَوَارَثَهَا آبَاؤُكُمْ وورثتمُ ... أَوَاسِيَّهَا والبيتَ ذَا السقفِ والسِّترِ٥

فَمَا لحليمٍ قَدْ أَرَادَ هلاكَكم ... فَلَا تَعْذروه آلَ غَالِبٍ مِنْ عُذْرِ

وجدُّوا لِمِنْ عاديتمُ وَتَوَازَرُوا ... وَكُونُوا جَمِيعًا فِي التأسِّي وفي الصبرِ

لعلَكم أن تَثأروا بأخيكمُ ... ولاشيء إنَّ لَمْ تَثْأَرُوا بِذَوِي عَمْرو

بمطَّرداتٍ فِي الأكفِّ كَأَنَّهَا ... وميضٌ تُطيرُ الهامَ بَيِّنَةَ الأثرِ٦

كَأَنَّ مَدبَّ الذرِّ فوقَ متونِها ... إذَا جُرِّدَتْ يَوْمًا لأعدائِها الخُزْرِ٧

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَبْدَلْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ كَلِمَتَيْنِ مِمَّا رَوَى ابْنُ إسحاق، وهما "الفخر" في آخر البيت، و"فما لِحَلِيمِ" فِي أَوَّلِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ نَالَ فِيهِمَا من النبي صلى الله عليه وسلم.


١ الصبابة: رقة الحب أو الحب الشديد.
٢ الغمر بسكون الميم: الكريم الواسع الخلق، وهذا المعنى هو الذي يقصده هنا.
٣ الثائر: صاحب الثأر.
٤ الوشيظة الأتباع الذين ليسوا من القوم.
٥ الأواسي: ما تأسس عليها الأبنية.
٦ المطردات: المهتزة. أي بسيوف مهتزة.
٧ الذر: صغار النمل. والخزر: الناظرون بمؤخرة عيونهم كبرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>