للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباحا فهو إما مكروه أو أشد من المكروه ولا يكون قربة أبدا فإن كان مباحا فهو دليل على وجوب الوفاء بالمباح وإن كان مكروها فالإذن بالوفاء به يدل على الوفاء بالمباح بالأولى وكذلك إيجاب الكفارة على من نذر نذرا لم يسمه يدل على وجوب الكفارة بالأولى في المباح. فالحاصل: أن النذر بالمباح لا يخرج عن أحد القسمين إما وجوب الوفاء به أو وجوب الكفارة مع عدم الوفاء ولا ينافي ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الإذن لمن نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة بأن تختمر وتركب لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها مع ذلك بصيام ثلاثة أيام وفي رواية أنه أمرها بأن تهدي بدنة ومثل ذلك حديث الشيخ الذي نذر أن يمشي فقال صلى الله عليه وسلم "إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه" فإنه لا يعارض ما قدمنا لوجهين: الأول أن عدم التصريح بوجوب الكفارة عليه لا ينافي الأحاديث المصرحة بوجوبها والثاني أنه رآه يضعف عن ذلك كما في الرواية أنه رآه يهادى بين ابنيه ولهذا قال: "إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه" ومحل النزاع من نذر بمباح مقدرو له من غير تعذيب لنفسه ثم تعذيب النفس إن كان من قبيل المعصية فقد ثبت أن في نذر المعصية كفارة يمين وإن كان لكونه يلحق بغير المقدور فقد ثبت أن من نذر فيما لا يملك فعليه كفارة يمين وما ليس بمقدور للإنسان داخل فيما لا يملكه وقد أخرج أبو داود حديثا وفيه "ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ". والحاصل: أن النذر إن كان بطاعة مقدورة وجب الوفاء به سواء كانت تلك الطاعة واجبة أو مندوبة وإن كان بغير طاعة فهو إما من المباح أو الحرام أو المكروه فإن كان من المباح فقد تقدم وإن كان من الحرام فقد ثبت وجوب الكفارة فيه مع المنع من الوفاء به وإن كان مكروها فهو إما أن يكون لاحقا بالحرام أو بالمباح إن كان الأول وجبت الكفارة ولم يجز الوفاء به وإن كان الثاني فقد تقدم هذا خلاصة الكلام في أنواع النذر ولا دليل بيد من لم يوجب الوفاء ولا الكفارة في المندوب والمباح "ومن نذر بقربة وهو مشرك ثم أسلم لزمه الوفاء"لحديث عمر في الصحيحين وغيرهما "أنه قال: قلت يارسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام فقال: "أوف بنذرك " وأخرج أحمد وابن ماجه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>