كأن يذم الطفل الشره ويمدح المتأدب قليل الأكل. كما طالب الأب بألا يتساهل مع ابنه إذا بلغ سن التمييز في كل ما يحتاج إليه أمر الشرع. ويقدم لنا الغزالي أسلوب الثواب والعقاب لتأديب الصبي إلا أنه يرى ألا يكون العقاب لكل أمر بل من الأفضل التغاضي عن بعض الأمور إذا خجل الطفل منها وتستر لإخفائها ولا يكون العقاب علنا حتى لا يشجع الطفل على تعود الخطأ. ويجب أن يقل من العقاب حتى لا يتعود الطفل المهانة ويهون عليه سماع اللوم والتأنيب.
تعليم الصبيان:
يؤكد الغزالي في كلامه عن تعليم الصبيان عدة مبادئ تربوية هامة من أبرزها:
البدء بالتعليم في الصغر:
ينبغي أن يبدأ تعليم الصبيان من صغرهم، وقديما قالوا: التعليم في الصغر كالنقش على الحجر. ويؤكد الغزالي نفس المعنى عندما يقول عن الصبي: وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش عليه. وقد ردد هذا القول كما أشرنا جون لوك بعد حوالي ١٣ قرنا من الزمان عندما ذهب إلى أن عقل الطفل صفحة بيضاء تنقشه الخبرة والتعليم، ويؤكد الغزالي أن التربية والتعليم عملية تتعاون فيها طبيعة الصبي مع بيئته.
مراعاة طبيعة الصبي:
يؤكد الغزالي ضرورة فهم المعلم لطبيعة الصبي، وهذا يتأتى من دراسته لنفسية الصبيان الذين يعلمهم. فهم ليسوا سواء وهذه الدراسة تساعده من ناحية أخرى على إيجاد الصلة الإنسانية بينه وبينهم. وعلى المعلم أن يتدرج في تعليم الصبي وأن يبدأ معه من السهل إلى الصعب. وفي ذلك يقول الغزالي:"إن أول واجبات المربي أن يعلم الطفل ما يسهل عليه فهمه لأن الموضوعات الصعبة تؤدي إلى ارتباكه العقلي وتنفره من العلم""الغزالي: الإحياء ج١ ص٥٢" ويشير الغزالي إلى قضية نفسية هامة هي "أن صحة النفس تتحقق من اعتدال مزاج البدن عندما يتكامل الجسم والنفس".