وهذا التقسيم هو نفس تقسم ابن مسكويه الذي سبق أن أشرنا إليه. وقد نقله الغزالي عنه.
الوسيلة إلى الأخلاق الحسنة:
إن الوسيلة إلى الأخلاق الحسنة في نظر الغزالي هي التخلق أي بتعويد النفس على الخلق الحسن وقد قسم الناس إلى أربعة أقسام:
قسم يمثله الإنسان الطفل الذي لا يعرف الحق من الباطل والقبيح من الحسن وهو أكثر الأقسام قبولا للرياضة والتوجيه. ولا يحتاج إلا إلى مرشد وإلى باعث يحمله على الاتباع.
- قسم يمثله الإنسان الذي يعرف القبيح من الحسن لكنه لم يتعود العمل الصالح بل زين له سوء عمله فيقدم عليه انقيادا لشهواته وإعراضا عن صواب رأيه.
- قسم يمثله الإنسان الذي يرى القبيح حسنا وجميلا. ويرى الغزالي أن هذا النوع لا يرجى صلاحه إلا على الندرة.
- قسم يمثله الإنسان الذي يتباهى بفساد خلقه وفساد أمره وكثرة شره. وهذا الصنف هو أصعب المراتب في مجاهدة النفس وتعويدها على الأخلاق الكريمة.
ويقول الغزالي: إن كل ذي بصيرة نافذة يرى عيوبه ويسهل عليه علاجها يصلحها إذا رأى فيها اعوجاجا ويكون علاج عيوب النفس بمجاهدتها وتعويدها على فعل الضد. أي أن الرذائل تعالج بضدها، فالبخل مثلا يعالج بالسخاء والجهل والتعليم والتكبر بالتواضع وهكذا.
الأخلاق قابلة للتغيير:
يرى الغزالي أن الأخلاق قابلة للتغيير عن طريق رياضة النفس وتزكيتها وتهذيبها. وهو يورد رأي من قال بأن الأخلاق غير قابلة للتغيير. وحجتهم في ذلك أن الخلق صورة الباطن والخلق يجعل نفسه طويلا ولا الطويل يقدر أن يجعل نفسه قصيرا ولا القبيح يقدر على تحسين صورته فكذلك القبح الباطن يجري هذا المجرى.. وكذلك حسن الخلق.. من مقتضى المزاج والطبع. وهو يرد على هذا