عُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَمَتَى مَا قَصَدَ إلَى عَقْدِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْقِدَهَا إلَّا عَلَى مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ; أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدُ السَّلَمِ؟ وَلَكِنَّهُ مَتَى قَصَدَ إلَى عَقْدِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْقِدَهُ بِهَذِهِ الشَّرَائِطِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنما المراد بقوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} الصَّلَاةُ نَفْسُهَا، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا; قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ; لِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ الْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ إلَى الْمَجَازِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلَالَةٍ; وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَك مَا ادَّعَيْت كَانَتْ دَلَالَتُهُ قَائِمَةً عَلَى فَرْضِ الْقِرَاءَةِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ إلَّا وَهِيَ مِنْ أَرْكَانِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} [المرسلات:٤٨] قَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادَ بِهِ الصَّلَاةَ; وَقَالَ: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ، فَعَبَّرَ عَنْ الصَّلَاةِ بِالرُّكُوعِ; لأنه من أركانها. آخر سورة المزمل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute