للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى جَوَازِهِ بِالْخَلِّ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْمَاءِ مِثْلُ مَاءِ الْوَرْدِ وَاللَّبَنِ وَالْخَلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} عَلَى جَوَازِهِ بِالنَّبِيذِ; إذْ كَانَ فِي النَّبِيذِ مَاءٌ, وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَنَا التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ لِذِكْرِهِ إيَّاهُ بِلَفْظٍ مَنْكُورٍ, وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَيْضًا مَنْ يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ كَالْمَرَقِ وَخَلِّ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ; إذْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ. وَالرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا لِمَنْ يَمْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةَ صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ عَلَى لُزُومِ إعَادَةِ الْوُضُوءِ لِفَرْضٍ ثَانٍ, لِقَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} فَقَدْ رُوِيَ: "إذَا قُمْتُمْ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ" وَهِيَ مُحْدِثَةٌ, لِوُجُودِ الْحَدَثِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ. وَالْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَدَلَالَتِهَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ; إذْ كَانَ التَّيَمُّمُ غَيْرَ رَافِعٍ لِلْحَدَثِ, فَهُوَ مَتَى أَرَادَ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَامَ إلَيْهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ. وَالسَّادِسُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} وقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ دُلُوكِهَا, وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ لَهَا بِالْمَاءِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ التُّرَابِ إذَا كَانَ مَعْدُومًا; فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ الْوَقْتِ, كَمَا اقْتَضَى جَوَازَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَفِي أَوَّلِهِ. وَالسَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَتُهَا عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ لِلْمَحْبُوسِ وَجَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} إلى قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً} فَشَرَطَ فِي إبَاحَةِ التَّيَمُّمِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَرَضُ, وَالْآخَرُ: السَّفَرُ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ; فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا وَكَانَ مُقِيمًا إلَّا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِحَبْسٍ, فَغَيْرُ جَائِزٍ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا. قِيلَ لَهُ: هُوَ كَذَلِكَ, إلَّا أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي جَوَازِهِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: السَّفَرُ الَّذِي الْأَغْلَبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ, وَالثَّانِي: عَدَمُهُ; وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ بِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْحَالِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ السَّفَرُ لَا فِي الْحَضَرِ الَّذِي الْمَاءُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي الْأَغْلَبِ, وَإِنَّمَا حَصَلَ الْمَنْعُ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ مِنْ غَيْرِ حَالِ الْعَادَةِ فِيهَا, وَالْغَالِبُ مِنْهَا عَدَمُهُ. وَالثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} عَلَى نَفْيِ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْحَرَجَ, وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ عِنْدَ وُقُوعِ الْخِلَافِ عَلَى مُنْتَحِلِي مَذْهَبِ التَّضْيِيقِ; فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ, وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ فَيَحْبِسُهُ لِشُرْبِهِ; إذْ كَانَ فِيهِ نَفْيُ الضِّيقِ وَالْحَرَجِ, وَعَلَى نَفْيِ إيجَابِ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ فِي الطَّهَارَةِ, وَعَلَى نَفْيِ إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهَا, وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ. وَالتَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ: دَلَالَةُ قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ حُصُولُ الطَّهَارَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَتْ مِنْ تَرْتِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ,

<<  <  ج: ص:  >  >>