للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا وَجَدْتُمُوهُ حَيًّا فَكُلُوهُ، وَمَا أَلْقَى الْبَحْرُ حَيًّا فَمَاتَ فَكُلُوهُ، وَمَا وَجَدْتُمُوهُ مَيِّتًا طَافِيًا فَلَا تَأْكُلُوهُ" وَحَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الدِّهْقَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا صِدْتُمُوهُ وَهُوَ حَيٌّ فَمَاتَ فَكُلُوهُ، وَمَا أَلْقَى الْبَحْرُ مَيِّتًا طَافِيًا فَلَا تَأْكُلُوهُ".

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَيُّوبُ وَحَمَّادٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ قِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يُفْسِدُهُ عِنْدَنَا، لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَارَةً ثُمَّ يُرْسِلَ عَنْهُ فَيُفْتِيَ بِهِ، وَفُتْيَاهُ بِمَا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لَهُ بَلْ يُؤَكِّدُهُ. عَلَى أَنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ لَيْسَ بِدُونِ مَنْ ذَكَرْت، وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَزِيَادَتُهُمَا فِي الرَّفْعِ مَقْبُولَةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ.

فَإِنْ قِيلِ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ" وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي جَمِيعِهِ قِيلَ لَهُ: يَخُصُّ مَا ذَكَرْنَا وَرَوَيْنَا فِي النَّهْيِ عَنْ الطَّافِي، وَيَلْزَمُ مُخَالِفَنَا عَلَى أَصْلِهِ فِي تَرْتِيبِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَبْنِيَ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ فَيَسْتَعْمِلُهُمَا وَأَنْ لَا يُسْقِطَ الْخَاصَّ بِالْعَامِّ، وَعَلَى أَنَّ هَذَا خَبَرٌ فِي رَفْعِهِ اخْتِلَافٌ، فَرَوَاهُ مَرْحُومٌ الْعَطَّارُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا، فَيَلْزَمُك فِيهِ مِثْلُ مَا رُمْت إلْزَامَنَا إيَّاهُ فِي خَبَرِ الطَّافِي.

فَإِنْ احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" وَلَمْ يُخَصِّصْ الطَّافِيَ مِنْ غَيْرِهِ. قِيلَ لَهُ: نَسْتَعْمِلُهُمَا جَمِيعًا وَنَجْعَلُهُمَا كَأَنَّهُمَا وَرَدَا مَعًا، نَسْتَعْمِلُ خَبَرَ الطَّافِي فِي النَّهْيِ وَنَسْتَعْمِلُ خَبَرَ الْإِبَاحَةِ فِيمَا عَدَا الطَّافِي.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّهُ مَتَى اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِعْمَالِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الْآخَرَ كَانَ مَا اُتُّفِقَ فِي اسْتِعْمَالِهِ قَاضِيًا عَلَى مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" وَ "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ" مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا وَخَبَرُ الطَّافِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْخَبَرَيْنِ الْآخَرَيْنِ قِيلَ لَهُ: إنما يعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>