عُلِم بُعد مكان الممثّل به عن مصدر الضوء، وشدة ظلمته لوجود الحجب الكثيرة بينه وبينه.
وهذه الظلمة ملازمة لا تتأثر بإشراق الشمس نهاراً فوق السحاب، أو غيابها ليلاً. فسببها الحجب الكثيفة المانعة للضوء والبعد السحيق.
وعلى هذا فالأنسب - واللَّه أعلم - في اعتبار المثَل افتراض أن الشمس مشرقة فوق السحاب، وذلك للاعتبارات الآتية:
١- أن ذلك أبلغ في إفادة شدة الظلمة، إذ إن الظلمة اللازمة التي لا تتأثر بليل ولا بنهار أشد وأعظم من الظلمة الطارئة المتأثرة بالشمس.
٢- أن افتراض أن الشمس مشرقة، يفيد في الدلالة على بُعد الواقع في ذلك المكان المظلم عن مصدر النور - الشمس - والذي يقابل في الممثّل له بنور العلم. مما يفيد في بيان أن ضلاله إنما هو بسبب بعده عن مصدر النور، ووجود تلك الحجب، وليس انعدام مصدر النور.
٣- أن التفصيل في ذكر الحجب، وتسميتها ظلمات يدل على أن لها أثراً في إحداث الظلمة، وذلك لا يتحقق إلا بافتراض أن الشمس مشرقة، حيث يخترق بعض أشعتها السحاب.
أما في الليل فإِن السحاب كاف في إحداث الظلمة، حيث يحجب النجوم، وعندها تستوي الظلمة فوق البحر وداخله، ولا حاجة لذكر الحجب الأخرى. ولكن يناسب ذلك مع وجود بعض الضوء الذي تسرب من السحاب - والشمس مشرقة - إذ يبرز أثر تلك الحجب في