للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس فيهم، فإنهم يدخلون في أنواع من الخيالات الفاسدة، والأحوال الشيطانية المناسبة لطريقهم.

كما قال تعالى: {هلْ أُنَبئُكُمْ عَلى مَن تَنَّزلُ الشَّيَاطينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثيمٍ} ١.

والإنسان همام حارث، فمن لم يكن همه وعمله ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كان همه وعمله مما لا يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

والأحوال نتائج الأعمال، فيكون ما يحصل لهم بحسب ذلك العمل، وكثيرا ما تتخيل له أمور يظنها موجودة في الخارج ولا تكون إلا في نفسه، فيسمع خطابا يكون من الشيطان أو من نفسه، يظنه من الله تعالى، حتى أن أحدهم يظن أنه يرى الله بعينه، وأنه يسمع كلامه بأذنه من خارج، كما سمعه موسى بن عمران. ومنهم من يكون ما يراه شياطين وما يسمعه كلامهم، وهو يظنه من كرامات الأولياء، وهذا باب واسع لبسطه موضع آخر"٢.

الرازي ومنهج المتكلمين:

وقد تولى كبر زخرفة المنهج العقلاني محمد بن عمر الرازي٣


١ سورة الشعراء الآيتان (٢٢١، ٢٢٢) .
٢ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، ت: د. محمد رشاد سالم، (٥/٣٥١) .
٣ أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين القرشي الرازي، يلقب بابن الخطيب، ولد سنة ٥٤٣هـ، كان مضطرب الديانة كثير الحيرة، ينتسب إلى المذهب الشافعي، والعقيدة الأشعرية المبتدعة، إلا أنه أقرب إلى دين الفلاسفة، وقد رمي بالتشيع، كانت أغلب مؤلفاته في الفلسفة، وعلم الكلام، والرياضة، والطب، والسحر والتنجيم والرمل، وألف في أصول الفقه، وله في التفسير كتاب مشهور هو التفسير الكبير، ضمنه كثيرا من باطله، قال عنه بعض العلماء:"فيه كل شيء إلا التفسير"، وقال أبو شامة المقدسي: "كان الرازي يقرر في مسائل كثيرة مذاهب الخصوم وشبههم بأتم عبارة، فإذا جاء الأجوبة اقتنع بالإشارة"، وقَال الشهرزوري:"إن الإمام الرازي شيخ مسكين متحير في مذاهب الجاهلية التي تخبط فيها خبط عشواء"، وقال ابن جبير: "دخلت الري فوجدت ابن خطيبها قد التفت عن السنة وأشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو".
وقال الحافظ الذهبي: "الفخر بن الخطيب، صاحب التصانيف، رأس في الذكاء والعقليات، لكنه عري من الآثار، وله تشكيكات في مسائل من دعائم الدين تورث حيرة".
وقد تصدى له شيخ الإسلام ابن تيمية ورد على ضلالاته بالتفصيل في كتابه: نقض التأسيس، ودرء تعارض العقل والنقل، وغيرها، توفي الرازي سنة ٦٠٦ هـ.
انظر: ميزان الاعتدال، للذهبي، (٣/٣٤٠) وفخر الدين الرازي وآراؤه الفلسفية والكلامية، د. محمد صالح الزركان، ومقدمة كتاب القضاء والقدر للرازي، (١١-٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>