للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أبو بكر: جميعُ الأصواتِ التي تُحكى محالفةٌ للأسماءِ والأَفعالِ في تقديرِها فليسَ لَنَا أَن نقولَ في "قَد" أن أَصلَها "فَعْلُ" كما تقولُ في "يَدٍ" ولا ندَعي أَنهُ حذفَ مِنْ "قَدْ" شيءٌ كَما حذفَ في "يَدٍ" ولاَ لنَا أنْ نقولَ: إنَّ الأَلفَ في "مَا ولاَ" منقلبةٌ مِنْ شيءٍ وكذلك صَهْ ومَهْ وأَلفُ "غَاقٍ" لا تَقولُ: إنَّها منقلبةٌ وإنَّما تقدرُ الأسماءَ والأفعالَ بالفاءِ والعينِ واللامِ لتبينَ الزوائدُ مِنْ غيرِها والحروفُ والأصواتُ أُصولٌ لا تكادُ تجدُ فيها زَائدًا ولا تحتاجُ إلى تقديرِها بالفاءِ والعينِ واللامِ لأَنَّها لا تتصرفُ تصرفَ الأَسماءِ ولا تصرفَ الأَفعالِ لأَنَّها لا تصغرُ ولا تُثَنى ولا تجمعُ ولا يُبنى منها فِعل ماضٍ ولاَ مستقبلٍ وأنَّما جعلتِ الفاءُ والعينُ واللامُ في التمثيل ليعتبرَ بهنَّ الزائدُ مِنَ الأصلِ والأَبينةُ المختلفةُ. فَما لا تدخلهُ الزيادةُ ولا تختلفُ أَبنيتهُ فلا حاجَةَ إلى تمثيلهِ وتقديرهِ فأَمَّا قولهُم "تَأَوّهَ" فإنَّما هو مشتقٌّ مِنْ [قولهم] ١: آوَّهَ يرادُ بهِ أَنهُ قَالَ: أَواهُ كمَا قالوا: سَبَّح إذَا قالَ سبحانَ اللهِ وهلّلَ إذَا قَالَ: لا إلهَ إلا الله فهَللَ فَعَّلَ أخذتِ الهاءُ واللامُ مِنْ بعضِ الكلامِ الذي تكلم بهِ وجازَ تقديمُ الهاءِ لأَنَّهُ غيرُ مشتقٍ مِنْ مصدرٍ وإنَّما يصيرُ للكلمةِ تقديرٌ إذَا كانتْ اسمًا أَو فعلًا فمَا عَدا ذلكَ فَلا تقديرَ لَهُ وقولُ الشاعِر:

مِنْ أَعقابِ السُّمِي٢


١ زيادة من "ب".
٢ يشير إلى قول الراجز: كنهور من أعقاب السمى.
وهو من شواهد الكتاب ٢/ ١٩٤ على جمع سماء على "سمى" ووزنه فعول، قلبت واوه إلى الياء التي بعدها وكسر ما قبلها لتثبت الياء وبعدها كسرة، ونظيره من السالم: عناق، وعنوق.
وأراد بالسماء هنا السحاب. والكنهور: القطع العظام من السحاب المتراكم والأعقاب: جمع عقب، وهو آخر الشيء. يريد أنه سحاب ثقيل بالماء.
فأتى آخر السحاب لثقله. وقد نسب هذا الرجز إلى أبي نخيلة السعدي.
وانظر: المنصف ٢/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>