للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

[٢١٥]

وما عليكِ أن تَقُولِي كُلّمَا ... صَلَّيتِ أو سبّحتِ: يا اللهمَّ ما

أُرْدُدُ علينا شيخنا مُسَلّمَا

وقال الآخر:

[٢١٦]

غَفَرْتَ أَوْ عَذَّبْتَ يا اللهُمَّا


= وتجعل همزته همزة وصل، وقد سبق ذكر هذين الوجهين في شرح الشاهد السابق "رقم ٢١٣" والوجه الثالث: أن تقول: اللهم، تحذف حرف النداء وتأتي في آخر الاسم الكريم بميم مشددة، وقد اختلف النحاة في هذه الميم المشددة، فقال البصريون وأنصارهم: هي عوض عن حرف النداء، وقال قوم -منهم الفراء- هذه الميم المشددة بقية كلمة، وأصل العبارة: يا الله أمنا بخير، وقد أنكر ذلك الزَّجَّاج، وشنع على القائل به، فمن ذهب إلى أن الميم المشددة عوض عن حرف النداء قال: لا يجمع بين حرف النداء والميم المشددة في الكلام، فإن ورد ذلك في شعر فهو شاذٌّ لا يقاس عليه، لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه، ومن هؤلاء شيخ المحققين ابن مالك الذي يقول في الخلاصة "الألفية":
والأكثر اللهم، بالتعويض ... وشذّ يا اللهم في قريض
ومن ذهب مذهب الفَرَّاء لم ينكر الجمع بين الميم المشددة وحرف النداء، والوجه الرابع: أن تقول: لا هم، فتحذف حرف النداء وأل من أول الاسم الكريم، وتجيء بالميم المشددة في آخره، ومنه قول الراجز:
لا هم إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال شاحج يأتيك بج
يريد: إن كنت قبلت حجتي ويأتيك بي، فأبدل الياء جيمًا، وأكثر هذه الوجوه هو الوجه الثالث، وهو الذي ورد استعماله في القرآن الكريم، نحو قوله سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
[٢١٥] هذه ثلاثة أبيت من الرجز المشطور، وقد أنشدها ابن منظور في اللسان "أل هـ" ورضي الدين في شرح الكافية "١/ ١٣٢" وشرحها البغدادي في الخزانة "١/ ٣٥٩" و "ما" في قوله "وما عليك" استفهامية تقع مبتدأ خبره الجار والمجرور، والمعنى: أي شيء عليك؟ وسبحت: أي نزهت ربك وعظمته وقدسته. أو قلت: سبحان الله. وصليت: دعوت، وشيخنا: أراد أبانا، ونظير ذلك قول الأعشى ميمون بن قيس:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا ... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت؛ فاغتمضي ... نومًا، فإن لجنب المرء مضطجعا
ومحل الاستشهاد قوله "يا اللهم ما" حيث جمع بين حرف النداء والميم المشددة، ولم يكتفِ بذلك، بل زاد ميمًا مفردة بعد الميم المشددة، وقد بيَّنَّا أقوال العلماء في الجمع بين حرف النداء والميم في شرح الشاهد السابق "٢١٤".
[٢١٦] هذا بيت من مشطور الرجز، ولم أقف له على سوابق أو لواحق، والاستشهاد به في قوله "يا اللهم" حيث جمع بين حرف النداء والميم المشددة في آخر لفظ الجلالة، والكلام فيه على نحو ما ذكرناه في شرح الشواهد السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>