للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقلالها بإدراكه أبدا فليس لأحد عنه مذهب ولا إلى غيره مفزع في مجهول يعلمه ومشكل يستبينه وملتبس يوضحه فمن ذهب عنه فإليه يرجع ومن دفع حكمه فبه يحاج خصيمه إذ كان بالحقيقة هو المرشد إلى الطرق العقلية والمعارف اليقينية التي بالعباد إليها أعظم حاجة فمن رد من مدعي البحث والنظر حكومته ودفع قضيته فقد كابر وعاند ولم يكن لأحد سبيل إلى إفهامه ولا محاجته ولا تقرير الصواب عنده وليس لأحد أن يقول إني غير راض بحكمه بل بحكم العقل فإنه متى رد حكمه فقد رد حكم العقل الصريح وعاند الكتاب والعقل.

والذين زعموا من قاصري العقل والسمع أن العقل يجب تقديمه على السمع عند تعارضهما إنما أتوا من جهلهم بحكم العقل ومقتضى السمع فظنوا ما ليس بمعقول معقولا وهو في الحقيقة شبهات توهم أنه عقل صريح وليست كذلك أو من جهلهم بالسمع إما لنسبتهم إلى الرسول ما لم يرده بقوله وإما لعدم تفريقهم بين ما لا يدرك بالعقول وبين ما تدرك استحالته بالعقول فهذه أربعة أمور أوجبت لهم ظن التعارض بين السمع والعقل.

أحدها: كون القضية ليست من قضايا العقول.

الثاني: كون ذلك السمع ليس من السمع الصحيح المقبول.

الثالث: عدم فهم مراد المتكلم به.

الرابع: عدم التمييز بين ما يحيله العقل ومالا يدركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>