للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية لمسلم: " والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله "١.


بمنزلة الأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، بل نقرؤه ونقول: المراد به أصبع حقيقي يجعل الله عليه هذه الأشياء الكبيرة، ولكن لا يجوز أبدا أن نتخيل بأفهامنا أو أن نقول بألسنتنا: إنه مثل أصابعنا، بل نقول: الله أعلم بكيفية هذه الأصابع، فكما أننا لا نعلم ذاته المقدسة. فكذلك لا نعلم كيفية صفاته، بل نكل علمها إلى الله -سبحانه وتعالى-.
قوله: "ثم يهزهن": أي: هزا حقيقيا، ليبين للعباد في ذلك الموقف العظيم عظمته وقدرته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ويقبض أصابعه ويبسطها، فصار المنبر يتحرك ويهتز٢؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بهذا الكلام وقلبه مملوء بتعظيم الله تعالى.
فإن قلت: هل نفعل بأيدينا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟
فالجواب: إن هذا يختلف بحسب ما يترتب عليه; فليس كل من شاهد أو سمع يتقبل ذهنه ذلك بغير أن يشعر بالتمثيل; فينبغي أن نكف لأن هذا ليس بواجب حتى نقول: يجب علينا أن نبلغ كما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، أما إذا كنا نتكلم مع طلبة علم أو مع إنسان مكابر ينفي هذا ويريد أن يحول المعنى إلى غير الحقيقة; فحينئذ نفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
فلو قال قائل: إن الله سميع بصير، لكن قال: سميع بلا سمع وبصير بلا بصر، مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام حين قرأ قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>