للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تمثلوا،...........................................................


الحال الثالثة: أن يكون بيننا وبينهم عهد نخاف خيانتهم فيه; فهنا يجب أن ننبذ إليهم العهد ونخبرهم أنه لا عهد بيننا وبينهم; لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} ١.
قوله: "ولا تمثلوا": التمثيل: التشويه بقطع بعض الأعضاء كالأنف واللسان وغيرهما، وذلك عند أسرهم; لأنه لا حاجة إليه; لأنه انتقام في غير محله، واختلف العلماء فيما لو كانوا يفعلون بنا ذلك.
فقيل: لا يمثل بهم للعموم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن شيئا، ولأننا إذا مثلنا بواحد منهم; فقد يكون لا يرضى بما فعل قومه; فكيف نمثل به؟!
وقيل: نمثل بهم كما مثلوا بنا; لأن هذا العموم مقابل بعموم آخر، وهو قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ٢.
وإذا لم نمثل بهم مع أنهم يمثلون بنا; فقد يفسر هذا بأنه ضعف، وإذا مثلنا بهم في هذه الحال; عرفوا أن عندنا قوة ولم يعودوا للتمثيل بنا ثانية.
والظاهر القول الثاني.
فإن قيل: قد نمثل بواحد لم يمثل بنا ولا يرضى بالتمثيل؟ فيقال: إن الأمة الواحدة فعل الواحد منها كفعل الجميع، ولهذا كان الله عز وجل يخاطب اليهود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بأمور جرت في عهد موسى، قال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} ٣ وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} ٤ وما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>