تعالى أو غيره، وكقوله القائل: العالم قديم. الثاني: الخبر الذي لو صح التواتر لكون الدواعي على نقله متوفرة, إما لغرابته كسقوط الخطيب عن المنبر يوم الجمعة أو لتعلقه بأصل من أصول الدين كالنص على الإمامة, فعدم تواتره دليل على عدم صحته؛ ولهذا نعلم أن لا بلدة بين مكة والمدينة أكبر منهما, ولا مستند لهذا العلم إلا عدم النقل المتواتر. وفي المحصول ومختصراته قسم ثالث للخبر الذي يقطع بكذبه, وهو ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد استقرار الأخبار ثم بحث عنه, فلم يوجد في بطون الكتب ولا في صدور الرواة، وخالفت الشيعة في القسم الثاني, فادعت أن النص الجلي دل على إمامة علي رضي الله عنه، ولم يتواتر غيره من الأمور المهمة كالإقامة والتسمية في الصلاة ومعجزات الرسول -صلى الله عليه وسلم- كحنين الجذع وتسبيح الحصى ونحوهما، ولهذا اختلفوا في إفراد الإقامة وفي إثبات التسمية والجواب عن الأولين، وهما الإقامة والتسمية بأنهما من الفروع والمخطئ فيهما ليس بكافر ولا مبتدع؛ فلذلك لم تتوفر الدواعي على نقلهما بخلاف الإمامة, فإنها من أصول الدين ومخالفتها فتنة وبدعة. وأما المعجزات فعدم تواترها لقلة المشاهدين لها، وللشيعة أن يجيبوا بهذا الجواب فيقولوا: إنما لم يتواتر النص الدال على إمامة علي؛ لقلة سامعيه. قوله:"مسألة ... إلخ" هذه المسألة لم يذكرها ابن الحاجب وحاصلها أن بعض الأخبار المنسوبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كذب قطعا لأمرين أحدهما: أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "سيكذب عليَّ" فإن كان هذا الحديث كذبا فقد كذب عليه، وإن كان صدقا فيلزم أن يقع الكذب؛ لأن أخباره حق وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأنه لا يلزم من كونه صحيحا وقوع الكذب في الماضي لجواز وقوعه في المستقبل. نعم لو قال بعض ما ينسب بصيغة المضارع لتم المدعي. الثاني: أن من الأخبار المنسوبة إليه ما هو معارض للدليل العقلي بحيث لا يقبل التأويل, فيعلم بذلك امتناع صدوره عنه. قوله:"وسببه" أي: وسبب وقوع الكذب أمور الأول: نسيان الراوي بأن سمع خبرا وطال عهده به فنسي فزاد فيه أو نقص، أو عزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس من كلامه. الثاني: غلطه, بأن أراد أن ينطق بلفظ فسبق لسانه إلى غيره ولم يشعر أو كان ممن يرى نقل الخبر بالمعنى, فأبدل مكان اللفظ المسموع لفظا آخر لا يطابقه؛ ظنا أنه يطابقه. الثالث: افتراء الملاحدة أي الزنادقة وغيرهم من الكفار, فإنهم وضعوا أحاديث مخالفة لمقتضى العقل ونسبوها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- تنفيرا للعقلاء عن شريعته. قال: