وبإلقاء نظرة متأملة على الظروف التي أحاطت بظهور الطباعة في العالم العربي نجد أن أكثرها يحمل صبغة تبشيرية مسيحية، وقد تقدم بعض المطبوعات النافعة من التراث ذرا للرماد في العيون.
لكن حركة نشر التراث كانت زاخرة في مصر، دخلت المطبعة فيها مع الغزو الفرنسي وسميت المطبعة الأهلية، وكانت في الإسكندرية لخدمة أهداف الحملة، ثم نقلت إلى القاهرة، وانتهت بانتهاء الحملة أي: إن عملها من ١٧٩٨-١٨٠١، ولم يصدر عنها مطبوعات ذات شأن يذكر.
وفي سنة ١٨١٩م أو ١٨٢١م أسس محمد علي المطبعة الأهلية على أنقاض مطبعة نابليون، ثم نقلت إلى شاطئ النيل عند بولاق، وعرفت بالمطبعة الأميرية أو مطبعة بولاق.
وكانت مطبعة بولاق ثورة ثقافية وحضارية وقفزة هائلة في تاريخ نشر التراث، وأخرجت إلى النور أروع ما دبجته أقلام الأوائل في شتى المعارف والعلوم.
ونظرة إلى هذا النص من كتاب معجم المطبوعات العربية والمعربة، لمؤلفه يوسف إلياس سركيس, نرى مدى النهضة التي عاشها التراث العربي في ظلال مطبعة بولاق يقول: عد ما طبع من الكتب في مطبعة بولاق من ١٩ مايو ١٨٧٢م "١٢٨٩هـ" إلى آخر ربيع الأول "١٢٩٥هـ" فبلغت عدد النسخ "٣٦١٨١٥" نسخة وكان قد صدر له قبل ذلك ٢٤٢٠٥٧ نسخة فيكون الإجمالي ٦٠٣٨٧٢ حتى سنة ١٢٩٥هـ١.
وهذا الرقم المشار إليه يعني عدد النسخ، لا أعداد الكتب؛ لأن هذه المطبعة قدمت فيما قدمت الكتب الموسوعية التي تضم عشرات المجلدات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
لسان العرب لابن منظور, صبح الأعشى للقلقشندي, القاموس المحيط