تجاوبُ أحجارَ الكناسِ وتشتكي ... إلى كلِّ معروفٍ رأتهُ ومنكرِ
ذريني أطوف في البلادِ لعلني ... أخليكِ أو أغنيكِ عن سوءِ محضرِ
فإن فازَ سهمٌ للمنيةِ لم أكن ... جزوعاً وهل عن ذاك من متأخرِ
وإن فازَ سهمي كفكم عن مقاعدٍ ... لكم عند أدبارِ البيوتِ ومنظرِ
تقولُ لكَ الويلاتُ هل أنتَ تاركٌ ... ضبواً برجلٍ تارةً وبمنسرِ
ومستثبتٌ في مالكِ العامِ إنني ... أراكَ على الأقتادِ صرماءَ مذكرِ
فجوعٌ بها للصالحينَ مزلةٍ ... مخوفٍ رداها أن تصبكَ فأحذرِ
أبى الخفضَ من يغشاكِ من ذي قرابةٍ ... ومن كلِّ سوآرِ المعاصمِ تعتري
ومستهنئِ زيدٌ أبوهُ فلا أرى ... لهُ مدفعاً فاقني حياءكِ واصبري
لحا اللهُ صعلوكاً إذا جنَّ ليلهُ ... مضى في المشاشِ آلفاً كلَّ مجزرِ
يعدُّ الغنى من نفسهِ كلِّ ليلةٍ ... أصابَ قراها من صديقٍ ميسرِ
ينامُ عشاءً ثمَّ يصبحُ ناعساً ... يحتُّ الحصى عن جنبهٍ المتعفرِ
قليلُ التماسِ المالِ إلاَّ لنفسهِ ... إذا هو أضحى كالعريشِ المحورِ
يعينُ نساءَ الحيِّ ما يستعنهُ ... فيمسي طليحاً كالبعيرِ المحسرِ
ولكنَّ صعلوكاً صفيحةُ وجههِ ... كضوءِ شهابِ القابسِ المتنورِ
مطلاً على أعدائهِ يزجرونهُ ... بساحتهم زجرَ المنيحِ المشهرِ
وإن بعدوا لا يأمنونَ اقترابهُ ... تشوفَ أهلِ الغائبِ المتنظرِ
فذلكَ إن يلقَ المنيةَ يلقها ... حميداً وإن يستغنِ يوماً فأجدرِ
أيهلكُ معتمٌّ وزيدٌ ولم أقم ... على ندبٍ يوماً ولي نفسُ مخطرِ
ويوماً على نجدٍ وغاراتِ أهلها ... ويوماً بأرضٍ ذاتِ شتٍّ وعرعرِ
يناقلنَ بالشمطِ الكرامِ أولي النهى ... نقابَ الحجازِ في السريحِ المسيرِ
يريحُ عليَّ الليلُ أضيافَ ماجدٍ ... كريمٍ ومالي سارحاً مالُ مقترِ
سلي الساغبَ المعترَّ يا أمَّ مالكٍ ... إذا ما اعتراني بين ناري ومجزري
أأبسطُ وجهي إنهُ أولُ القرى ... وأبذلُ معروفي لهُ دونَ منكري
سيفزعُ بعدَ اليأسِ من لا يخافنا ... كواسعُ في أخرى السوام المنفرِ
يطاعنُ عنها أولُ الخيل بالقنا ... وبيضٍ خفافٍ ذاتِ لونٍ مشهرِ
وقال عروة بن الورد:
أفي نابٍ منحناها فقيراً ... لهُ بطنابنا طنبٌ مصيتُ
وفضلةُ سمنةٍ ذهبت إليهِ ... وأكثرُ حقهِ ما لا نقوتُ
تبيتُ على المرافقِ أمُّ وهبٍ ... وقد نامَ العيونُ لها كتيتُ
وإنَّ حميتنا أبداً حرامٌ ... وليسَ لجارِ منزلنا حميتُ
وربتَ شعبةٍ آثرتُ فيها ... يداً جاءت تعيرُ لها هتيتُ
وربتَ جوعةٍ لم يدرَ فيها ... أخو شبعٍ على ماذا أبيتُ
يؤامرني أميري ذاتَ نفسي ... وقد ألقت مراسيها البيوتُ
يقولُ الحقُّ مطلبهُ جميلٌ ... وقد طلبوا إليكَ فلم يقيتوا
فقلتُ لهُ ألا احيَ وأنت حرٌّ ... ستشبعُ في حياتكَ أو تموتُ
إذا ما فاتني لم أستقلهُ ... حياتي والملائمُ لا يفوتُ
وقد علمت سليمى أن رأيي ... ورأيَ المحلِ مختلفٌ شتيتُ
وأني لا يريني البخلُ رأيي ... سواءٌ إن عطشتُ وإن رويتُ
وأني حينَ تشتجرُ العوالي ... عوالي اللبِّ ذو رأيٍ زميتُ
قؤولٌ ذاتَ علمي حيثُ علمي ... وأما العلمُ أخطاني صموتُ
وأكفي ما علمتُ بفضلِ علمي ... وأسألُ ذا البيانِ بما عييتُ
وقال عروة بن الورد:
أليسَ ورائي أن أدبَّ على العصا ... فيشمتَ أعدائي ويسأمني أهلي
رهينةَ قعرِ البيتِ كلَّ عشيةٍ ... يطيفُ بي الولدانُ أهدجُ كالرألِ
أقيموا بني لبنى صدورَ مطيكم ... فإنَّ منايا الناسِ شرٌّ من الهزلِ
فإنكمُ لن تبلغوا كلَّ همتي ... ولا إربتي حتى تروا منبتَ الأثلِ
ولو كنتُ مثلوجَ الفؤادِ إذا بدت ... بلادُ الأعادي لا أمرُّ ولا أحلي
رجعتُ على حرسينِ إذ قالَ مالكٌ ... هلكتَ وهل يلحي على بغيةٍ مثلي
لعلَّ ارتيادي في البلادِ وحيلتي ... وشدي حيازيمَ المطيةِ بالرحلِ