للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي أبيات شديدة الهجاء، موجعة، تفنن فيها الشاعر وأبدع في وصف من هجاهم باللؤم وبالأمور المخزية الأخرى.

ويشك بعض المستشرقين في صحة الشعر المنسوب إلى "حسان" الوارد في التفجع على مقتل "عثمان" وفي الحث على الأخذ بثأره. وذلك أن هذا الشعر شعر ملتهب فيه قوة وحيوية ونفس شباب، فيبعد أن يكون من شعر شيخ قد تقدمت به السن١.

وروي "عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج وقد فرش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سماطين وبينهم جارية لحسان يقال لها "شرين" ومعها مزهر تغنيهم، وهي تقول في غنائها:

هل عليّ ويحكم ... إن لهوت من حرج

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "لا حرج" ٢.

و"شرين" لفظة فاسية بمعني "حلو" و "جميلة"، فيكون اسم الجارية من الأسماء الفارسية، معناه في العربية "حلوة" و "جميلة". ولا يستبعد أن تكون من أصل فارسي، وإن نص أهل الأخبار على أنها قبطية.

و"شرين"، هي "سيرين" جارية أعطاها رسول الله لحسان لذبه بلسانه عنه في هجاء المشركين، وقيل لضربة "صفوان بن المعطل" به بالسيف. وهي أخت "مارية" القبطية. وذكر أن الرسول أعطى حسان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني "جديلة"٣.

وقد اختلف الناس في وفاة "حسان" الذي كان قد عمي لما تقدمت به السن. فقيل: توفي قبل الأربعين، وقيل سنة أربعين، وقيل خمسين، وقيل أربع وخمسين من سني الهجرة، والجمهور على أنه عاش مائة وعشرين سنة، ولكن منهم من ذهب إلى أنه عاش دون المائة أو ما بين المائة والمائة والعشرين.


١ بروكلمان "١/ ١٥٣" TH.NOLDECKE, DIE GHASSAN., S. ٤١
٢ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٣٣٤ وما بعدها".
٣ الاستيعاب "١/ ٣٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>