للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرفة النعمان، فلا يجوز أن يكون عمرو قتله، فيشبه أن تكون القصة مع النعمان"١.

وفي شعر المتلمس ما يتعلق بأخبار القبائل، وفيه هجاء لعمرو بن هند. وهو من الشعراء المقلين. "قال أبو عبيدة: واتفقوا على أن أشعر المقلين في الجاهلية ثلاثة: المتلمس، والمسيب بن علس، وحصين بن الحمام المري"٢. وذكر أنه أخذ يهجو "عمرو بن هند" من منفاه، ويحرض قوم طرفة على الطلب بدمه. فمن جملة ما قاله قصيدته:

إن العراق وأهله كانوا الهوى ... فإذا نأى بي ودهم فليبعد

ولما تهدده "عمرو"، وحلف إن وجده بالعراق ليقتلنه وأن لا يطعمه حب العراق، قال المتلمس:

آليت حب العراق الدهر أطعمه ... والحب يأكله في القرية السوس

لم تدر بصرى بما آليت من قسم ... ولا دمشق إذا ديس الكراديس٣

وبقى ببصرى حتى هلك بها، كان له ابن يقال له: عبد المدّان، أدرك الإسلام، وكان شاعرا، هلك ببصرى ولا عقب له٤.

وكان طرفة بن العبد وخاله المتلمس وفدا على "عمرو بن هند" فنزلا منه خاصة ونادماه، ثم إنهما هجواه بعد ذلك، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة، فاشخصا لتقبضاها. فخرجا من عنده، والكتابان في أيديهما، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق منكشفا يقضي حاجته، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى، فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذاالشيخ؟ فسمع الشيخ مقالته فقال: ماترى من عجبي؟ أخرج خبيثا، وأدخل طيبا، وأقتل عدوا، وإن أعجب مني لمن يحمل حتفه وهو لا يدري. فأوجس المتلمس في نفسه خيفة وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من الحيرة فقال: أتقرأ يا غلام؟


١ أمالي المرتضى "١/ ١٨٥".
٢ الشعر والشعراء "١/ ١١٥".
٣ الخزانة "٣/ ٧٥"، "بولاق".
٤ الشعر والشعراء "١/ ١١٥"، "دار الثقافة".

<<  <  ج: ص:  >  >>