للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثقال ذهبا وخمسمائة حللا وعنبرا، فخرج، فلما مر ببلاد "بني عامر" وهم قوم "علقمة" و"عامر بن الطفيل"، خافهم على ما معه، فأتى "علمقة بن علاثة"، فقال له: أجرني! قال قد أجرتك من الجن والأنس. قال الأعشى ومن الموت. قال: لا فأتى "عامر بن الطفيل"، فقال له: أجرني! قال: قد أجرتك من الجن والأنس. قال الأعشى: ومن الموت! قال عامر: ومن الموت أيضا. قال: وكيف تجيرني من الموت؟ قال: إن مت في جواري بعثت إلى أهلك الدية. قال: الآن علمت أنك قد أجرتني. فحرضه عامر على تنفيره على علقمة، فغلبه عليه بقصائد. فلما سمع علقمة نذر ليقتلنه إن ظفر به. فقال الأعشى قصيدة مطلعها:

شاقك من قيلة أطلالها ... بالشط فالجزع إلى حاجر

ولما نذر "علقمة" دم الأعشى جعل له على كل طريق رصدا. فاتفق أن الأعشى خرج يريد وجها ومعه دليل فأخطأ به الطريق، فألقاه على ديار بنى عامر بن صعصعة، فأخذه رهط "علقمة" فأتوه به. فقال له علقمة: الحمد لله الذي مكنني منك، فقال الأعشى:

أعلقم قد صيرتني الأمور ... إليك وما أنت لي منقص

فهب لي ذنوبي فدتك النفوس ... ولا زلت تنمي ولا تنقص

في أبيات، فعفا عنه، فقال الأعشى ينقض ما قال أولا:

علقم يا خير بني عامر ... للضيف والصاحب والزائر

والضاحك السن على همه ... والغافر العثرة للعاثر١

وكان "عامر بن الطفيل" لما نافر "علقمة" خرج مع لبيد الشاعر والأعشى، فحكما "أبا سفيان"، فأبى أن يحكم بينهما، فأتيا "عيينة بن حصن" فأبى، فأتيا "غيلان بن سلمة" الثقفي، فردهما إلى "حرملة بن الأشعر" المرّي، فردهما إلى "هرم بن قطبة" الفزازي، فحكم بتساويهما في الشرف والمنزلة.


١ الشعر والشعراء "١/ ١٨٢"، "الثقافة"، الخزانة "٢/ ٤٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>