للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن إنما نزل بلسان عربي، لا بلسان قريش، فقد روي أن "نافع بن الأزرق" قال لـ "نجدة بن عويمر": "قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا: إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا؛ وتأتينا بمصادقة من كلام العرب، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال: ابن عباس: سَلاني عما بدا لكما، فقال نافع: أخبرني عن قول الله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِين} ١، قال: العزون: الحلق الرقاق، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم؛ أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:

فجاءوا يهرعون إليه حتى ... يكونوا حول منبره عزينا٢

وهي أسئلة مهمة اقترن جواب كل سؤال منها بشعر، من شعر شعراء الجاهلية والمخضرمين مثل: "عبيد بن الأبرص"، و"عنترة"، و"أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب"، و"لبيد"، و"طرفة بن العبد"، و"مالك بن عوف"، و"عبد الله بن الزبعرى"، و"حسان بن ثابت"، و"عديّ بن زيد" العبادي، و"أمية بن أبي الصلت"، و"أبو ذؤيب"، و"أبو محجن الثقفي"، و"امرؤ القيس"، و"الأعشى"، و"النابغة"، و"حمزة بن عبد المطلب"، و"زيد بن عمرو"، و"عبد الله بن رواحة"، و"زهير بن أبي سلمى"، و"عمرو بن كلثوم"، و"عبيد بن الأبرص"، و"كعب بن مالك"، و"أحيحة الأنصاري"، و"بشر بن أبي خازم"، و"مالك بن كنانة"، و"أبو طالب" و"مهلهل"، و"الحطيئة"، و"أوس بن حجر"، وشعر آخر لشعراء لم يشر إلى أسمائهم، وإنما كان يقول: "أما سمعت قول الشاعر"، وقد أمكن تشخيص بعضه، ولم يهتد إلى قائل البعض الآخر، كما استشهد بشعر نسبه إلى التبابعة٣. وهي أجوبة مهمة، إن صح بالطبع أنها صحيحة، وأنها من أسئلة "نافع" وأجوبة "ابن عباس"، تفيد في تشخيص ذلك الشعر: وفي تثبيته، وإن كان من الصعب علينا التصديق


١ المعارج، الآية٣٧.
٢ السيوطي. الإتقان "٢/ ٥٥ وما بعدها".
٣ السيوطي، الإتقان "٢/ ٥٩-٩٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>