للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض العلماء الطاعون نوعًا من أنواع الوباء، وفرَّق بينهما بعض علماء اللغة، وجعلوا الوباء المرض العام عامة، مهما كان، مثل انتشار الحمى والجدري والطاعون والنزلات والحكة والأورام. وقد ذكرت الأوبئة في كتب الحديث١.

و"الدبل" الطاعون٢.

ونسب الجاهليون حدوث الطاعون إلى "وخز الجن"، فهو يقع لأن الجن تطعن الشخص وتخزه فيصاب بالطاعون. وقد أشار إلى هذا الرأي "حسان بن ثابت"، أشار إليه في أثناء حديثه عن أعاصير نزلت بـ"بصرى" وبـ"رمح" وعن "دخان نار"، حتى أثرت في كل قصر ومنزل في ذينك المكانين، ثم أعقب ذلك "وخز جن بأرض الروم"٣، أي: بلاد الشأم وفيها المكانان المذكوران إذ كانت تحت حكم الروم، كما أشار إلى هذه الفكرة شاعر آخر اسمه "الغساني"٤.

ونجد في كتابات المسند إشارات إلى أوبئة تكتسح البلاد فتفني عددًا كبيرًا من الناس. فنجد فيها أن فلانًا يحمد آلهته لأنها منت عليه بالعافية وأنقذته من الوباء الذي تفشى في أيامه فأهلك الناس. وقد كان القدراء من الناس يهربون من الأرضين الموبوءة إلى أرضين أخرى بعيدة سالمة ليتخلصوا من الوباء. ونجد في الكتابة الموسومة بـ"CIH ٣٤٣" رجلًا اسمه "يحمد" يشكر إلهه "تألب ريام"، لأنه من عليه بالعافية وشفاه من المرض الذي نزل به في وباء انتشر فيما بين "هوزن" "هوزان" "هوازن" و"سهرتن" "سهرت". وقد كانت الأوبئة تكتسح المناطق الواقعة عند قواعد الجبال وفي المناطق الحارة الرطبة، ولا سيما التهائم. وتقع "هوزن" "هوزان" "هوازن" عند مرتفعات "حراز"٥.

وقد كانت الحروب من المصادر التي غذت العربية الجنوبية بمادة دسمة من الأوبئة. فقد كانت تأتي على عدد كبير من الناس، فتتركهم جثثًا تتعفن على ظاهر الأرض، كما كانت تأتي على مواطن السكن ومواضع المياه وتأتي على كل


١ شرح القاموس "١/ ١٣٠".
٢ تاج العروس "٧/ ٣١٧"، "دبل".
٣ فأعجل القوم عن حاجاتهم شغل
من وخز جن بأرض الروم منكور
البرقوقي "ص٢١٩".
٤ البرقوقي "ص٢١٩"، ديوان حسان "ص٧٩"، "هرشفلد".
٥ Beitrage

<<  <  ج: ص:  >  >>