للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصار، وأبت على المهاجرين إلا أن يحضر منها أحد، فقيل لهم: اجتمعوا على رجل منكم، فاجتمعوا على أوس بن خولي، فحضر غسل رسول الله ودفنه مع أهل بيته. وتوفي في خلافة عثمان١.

وكان "عبد الله بن رواحة" الخزرجي من كتّاب الرسول ومن الشعراء المعروفين بيثرب ومن السابقين الأولين من الأنصار وأحد النقباء ليلة العقبة. وكان الرسول يقول له: "عليك بالمشركين"، فينظم الشعر فيهم. وكان يناقض "قيس بن الخطيم" في حروبهم، ولما دخل الرسول مكة في عمرة القضاء كان ابن رواحة بين يديه، وهو يقول:

خلّوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تأويله

ضربًا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

ومدح الرسول، وكان من جيد مدحه له قوله:

لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر٢

وذكر بعض أهل الأخبار أنه لم نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} . قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ٣ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ٤. وسورة الشعراء التي فيها آية: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} وما بعدها، من السور التي نزلت بمكة إلا هذه الآية وما بعدها، وهي أربع آيات في آخرها، نزلت بالمدينة في شعراء الجاهلية، ثم استثنى منهم شعراء المسلمين منهم: حسان بن ثابت وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فقال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} ، فصار الاستثناء ناسخًا له من قوله والشعراء يتبعهم الغاوون٥.


١ الاستيعاب "١/ ٤٩"، "حاشية على الإصابة".
٢ الإصابة "٢/ ٢٩٨ وما بعدها".
٣ في الإصابة "أن الذين"، وهو غلط مطبعي.
٤ الشعراء، الآية ٢٢٤ وما بعدها.
٥ الناسخ والمنسوخ لابن سلامة "ص١٥١ وما بعدها"، "حاشية على أسباب النزول"، "القاهرة ١٣١٥هـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>