للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاتباً، قدم المدينة في عهد عمر، وصار يعلم الكتابة فيها. وقد اتهمه "عبيد الله بن عمر" بمشايعة أبي لؤلؤة على قتل أبيه، فقتله وقتل ابنيه١.

ولما نزل "خالد بن الوليد" الأنبار، رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها، فسألهم: ما أنتم؟ فقالوا: قوم من العرب، نزلنا إلى قوم من العرب قبلنا -فكانت أوائلهم نزلوها أيام بختنصر حين أباح العرب، ثم لم تزل عنها– فقال: ممن تعلمتم الكتاب؟ فقالوا: تعلمنا الخط من إياد، وأنشدوه قول الشاعر:

قومي إياد لو أنهم أمم ... أولو أقاموا فتهزل النعم

قوم لهم باحةُ العراق إذا ... ساروا جميعًا والخط والقلم٢

ووجد "خالد بن الوليد" أهل "النقيرة" يعلّمون أولادهم الكتاب في كنيستها. وهي قرية من قرى "عين التمر". ومنها كان "حمران" مولى "عثمان بن عفان"٣. ولما فتح "خالد" حصن عين التمر، وغنم ما فيه، "وجد في بيعتهم أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل، عليهم باب مغلق، فكسره عنهم"٤، ثم أخرجهم، فقسّمهم في أهل البلاء، فكان منهم نصير، أبو موسى بن نصير، وسيرين أبو محمد بن سيرين، وحمران مولى عثمان وغيرهم.

فنحن في العراق أمام مدارس تعلم العربية في القرى وفي الأماكن التي تكون غالبية سكانها من العرب، وتعلمهم أمور دينهم من نظر في الأناجيل وفي الكتب الدينية النصرانية والعلوم اللسانية المعروفة إلى غير ذلك من علوم ومعرفة وثقافة.

وورد في روايات أهل الأخبار أن عددًا من الشعراء الجاهليين كانوا يكتبون ويقرءون. وكان منهم من إذا نظم شعرًا دوّنه ثم ظل يعمل في إصلاحه وتنقيحه وتحكيك ما نظمه إلى أن يرضى عنه. فينشده الناس. وممن كان يكتب ويقرأ


١ الطبري "٥/ ٤٢"، ابن سعد، طبقات "٣/ ١ ص٢٥٨"، "ليدن"، البلاذري، فتوح البلدان "٤٦٠".
٢ الطبري "، "٣/ ٣٧٥".
٣ البلدان "٤/ ٨٠٧ وما بعدها".
٤ الطبري "٣/ ٣٧٧"، "خبر عين التمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>