للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: وحش أرض كذا في جواري، فلا يهاج، ولا تورد إبل أحد مع إبله ولا توقد ناره. وكان إذا رأى أرضًا فأعجبته حماها ومنع الناس عنها، وذلك بأن يطلق جروا يعوي، فيكون المكان الذي ينقطع فيه صوت العواء فلا يسمع، هو حد تلك الأرض. قيل ولذلك عرف ب "كليب"١.

وكان "كليب" قد تزوج "جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة"، وهي أخت "جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة"٢. وهي أيضًا من أشراف قومها، و "ذهل بن شيبان" من الأسر المعروفة التي نجد لها اسمًا بين الجاهليين.

وقد أدت عنجهية "كليب" وغطرسته إلى مقتله، وسبب ذلك على ما يقوله أهل الأخبار أن ناقة كانت للبسوس خالة "جَسّاس"، أو إلى "جليلة أخت جساس" على رواية، أو إلى رجل اسمه "سعد الجرمي" واسم الناقة "السراب" كانت قد اختلطت بإبل "كليب" وأخذت ترعى معها، فلما رآها كليب، أنكرها واستعظم أمر دخولها المرعى مع إبله، فرمى ضرعها بسهم فنفرت وهي ترغو. فلما رأت "البسوس"، أو "جليلة" أو رأى "سعد الجرمي" الناقة وقد أصيبت بسهم كليب، عز على صاحبها ذلك، أو على صاحبتها حسب اختلاف الروايات، وذهب أو ذهبت كل واحدة منهما إلى "جساس"، صارخًا أو صارخة، وكل منهم في جواره وعند فناء بيته، فثار الدم في رأسه، وأخذته العزة، وذهب غاضبًا إلى "كليب" ومعه "عمرو بن الحارث" فكلماه، وأظهر جسّاس ما حلّ به من ذل وإهانة برمي "السراب" بالسهم، فلم يبال بهما، فطعنه "جساس" وضربه "عمرو بن الحارث"، فقتل كليب٣.

وقد أثار مقتل "كليب وائل" هذا حربًا استمرت أربعين سنة على ما يذكره أهل الأخبار عرفت ب "حرب البسوس". وهي في الواقع معارك وغزوات


١ نهاية الأرب "٥١/ ٣٩٦"، أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر "١/ ٦٥ وما بعدها" "طبعة بيروت"، السويدي، سبائك الذهب "١٠٥".
٢ المحبر "ص٣٠٠".
٣ العقد الفريد "٥/ ١٥٠"، النويري، نهاية الأرب "١٥/ ٣٩٦"، اللسان "٦/ ٢٨"، "دار صادر".

<<  <  ج: ص:  >  >>