للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عوف بن ضجعم بن حماطة. فتنادت سليح بشعارها وتنادت غسان بشعارها.

فالتقوا بموضع يقال له "المحفف"، فأبارتهم غسان، وخاف ملك الروم أن يميلوا مع فارس عليه، فأرسل إلى ثعلبة، فقال: أنتم قوم لكم بأس شديد وعدد كثير، وقد قتلتم هذا الحي، وكانوا أشد حي في العرب وأكثرهم عدة وإني جاعلكم مكانهم، وكاتب بيني وبينكم كتابًا: إن دهمكم دهم من العرب أمددتكم بأربعين ألف مقاتل من الروم بأداتهم، وإن دهمنا دهم من العرب فعليكم عشرون ألف مقاتل على أن لا تدخلوا بيننا وبين فارس. فقبل ذلك ثعلبة، وكتب الكتاب بينهم. فملك ثعلبة وتوجه. وكان ملك الروم يقال له "ديقيوس"١.

وقد تحدث الأخباريون وأصحاب كتب الأمثال عن هذا الحادث في معرض كلامهم عن المثل: "خذ من جذع ما أعطاك". وقد اتفقوا كلهم في اسم القائل، هو منصوص عليه في المثل، ولكنهم اختلفوا في اسم المقتول، فقال بعضهم إنه سبيط، وقال آخرون: إنه سبطة٢، ويقول بعض آخر: إنه كان رجلًا من الروم٣.

وقد زعم بعض أهل الأخبار، إن اليوم الذي انتصر فيه الغساسنة على الضجاعمة هو "يوم حليمة" وذلك أن الحرب لما ثارت بين الضجاعمة والغساسنة للسبب الذي ذكرته، وقالوا "خذ من جذع ما أعطاك"، كان لرئيس غسان ابنة جميلة يقال لها "حليمة"، فأعطاها خلوفًا لتخلق به قومها، وانتصر الغساسنة بذلك اليوم على الغساسنة. فقالوا: "ما يوم حليمة بسر"٤.

ونسب ابن خلدون "سبطة" القتيل إلى المنذر بن داود٥، ويظهر أنه قصد "داود اللثق". وإلى داود ينسب دير داود، وذلك يدل على أنه كان نصرانيًّا٦، كما أشرت إلى ذلك قبل قليل.

وعندي أن "سبطة" هو "aspehetos" "aspehbet" "aspatylatos"،


١ المحبر "ص٣٧٠ وما بعدها"، حمزة "ص٧٦".
٢ ابن خلدون "٢/ ٢٧٩".
٣ اليعقوبي "١/ ١٦٧" "طبعة النجف".
٤ البلدان "٢/ ٣٢٥ وما بعدها" "طهران ١٩٦٥م".
٥ ابن خلدون "٢/ ٢٧٩".
٦ غسان "ص٧"، الأصل الألماني "ص٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>