للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مياهها، ولا تزال آثار هذا العهد باقية حتى الآن١.

وقد كانت مدينة "تدمر" على الحدود الداخلية "Limes Interior" للانبراطورية في أيام "يوسطينيانوس"٢. ويسكن في المناطق التي بين هذه الحدود وبين الحدود الخارجية "Limes Exterior" القبائل المحالفة للرومان. ومن هذه المنطقة تغزو القبائل الحدود٣. وقد كان سلطان الروم وقواتهم العسكرية أقوى في الحدود الداخلية منها على الحدود الخارجية التي كان يقوم بالدفاع عنها رجال القبائل الحليفة بالدرجة الأولى بأجور ومخصصات تدفعها الحكومة إلى رؤسائها لضمان حماية تلك الحدود.

وقد كانت القبال العربية قبل الميلاد وبعده تقلق راحة سكان الحدود وتزعج الحاميات الموكول إليها أمر سلامتها، وتكون مصدر خطر دائم للحكومات، وكان من الصعب الاطمئنان إليها، ثم إن البادية كانت تصدر لهما بين حين وآخر بضاعة جديدة منها، وموجة عنيفة تزعج القبائل القديمة والحدود معًا، فكان على تلك الحكومات مداراتها واكتساب ود القوية منها، ويقال إن القيصر "دقيوس" "Decius" "٢٤٩-٢٥١م" سئم في زمانه من هذا الوضع وبرم به، ففكر في إدخال الرعب في نفوس هذه القبائل وقهرها، فجاء بأسود اصطادها من إفريقية في البادية لتتناسل وتتوالد ولتكون مصدر خطر ورعب للأعراب٤.

وقد اتخذ بعض ملوك الغساسنة تدمر منزلًا لهم ومحل إقامة. ولم تزل على هذا الشأن حتى فتحها المسلمون سنة "٦٣٤م"٥. غير أنها منذ تركتها الزباء لم ترجع إلى ما كانت عليه. وقد أثر تحول الطرق التجارية في مركز هذه المدينة كثيرًا ولا شك.

وانتهت إلينا أسماء عدد من أساقفة مدينة "تدمر" مدونة في سجلات الأعمال الكنيسة، منهم: الأسقف "مارينوس" "Marinus" وقد حضر المجمع النيقاوي "Nicaa" "Nicaea" الذي انعقد سنة "٣٢٥" للميلاد٦، والأسقف "يوحنا" "٣٥٧م" وقد ورد اسمه في سجلات أعمال مجمع "خلقيدون" "Chalcedon"


١ المشرق، الجزء المذكور "ص ١٠٣٦".
٢ Musil, Palmyrena, P.٢٤٨, Theophanes, Chronographia “Migne”, Col: ٤٠٤.
٣ Musil, Palmyrena, P.٢٤٨.
٤ Musil, Palmyrena, P.٢٤٧, The Chronicon Paschale, “Migne”, Col: ٦٦٩.
٥ المشرق، السنة الأولى، الجزء ٢٣ "١٨٩٨م"، "ص ١٠٦٣".
٦ المشرق، الجزء المذكور "ص ١٠٦٣". Oberdick, S., ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>