للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعملت في عنونة بعض الكتب المؤلفة في التأريخ؛ فقد كان ل "عوانة بن الحكم" المتوفى سنة "١٤٧هـ" كتاب اسمه "كتاب التأريخ" كما كان له كتاب اسمه "كتاب سيرة معاوية وبني أمية"١. وكان للهيثم بن عدي المتوفى سنة "٢٠٧هـ" كتاب يدعى "كتاب تأريخ العجم وبني أمية" و "كتاب تأريخ الأشراف"، و "كتاب التأريخ على السنين"٢، وكان للمدائني المتوفى سنة "٢٢٥" للهجرة كتاب عنوانه: "تأريخ أعمار الخلفاء" وآخر اسمه "كتاب تأريخ الخلفاء" وثالث اسمه "أخبار الخلفاء الكبير"٣، لا أستبعد أن يكون هو هذا الكتاب.

إلا أن هذا الإطلاق لم يكن واسعًا كثير الاستعمال، وفي استطاعتنا ذكر هذه الكتب وعدّها، وما دامت الحال على هذا المنوال؛ فليس من المعقول إطلاق لفظة "مؤرخ" و "المؤرخ" و "تأريخ" بصورة واسعة في هذا العهد، وفي جملة العهد الذي عاش فيه "ابن الكلبي"، ما دام العرف فيه إطلاق لفظة "أخبار" بمعنى "تأريخ"؛ وإنما طغت لفظة "تأريخ" و "مؤرخ" في الأيام التي تلت هذا العهد، ولا سيما أواخر القرن الثالث للهجرة فما بعده.

هذا من حيث استعمال لفظة "أخباري". وأما من حيث إهمال التأريخ الجاهلي وصلة الإسلام به؛ فقد ذكرت أنه لا علاقة للحديث المذكور بهدم الجاهلية أو بإهمال تأريخها؛ وإنما الإهمال هو إهمال قديم، يعود إلى زمان طويل قبل الإسلام، فعادة قلع المباني القديمة لاستخدام أنقاضها في مبانٍ جديدة، والاعتداء على الأطلال والآثار والقبور بحثا عن الذهب والأحجار الكريمة والأشياء النفيسة الأخرى، هي عادة قديمة جدًا، ربما رافقت الإنسان منذ يوم وجوده. وهي عادة لا تزال معروفة في كثير من بلدان الشرق الأوسط حتى اليوم، بالرغم من وجود قوانين تحرم هذا الاعتداء وتمنع هذا التطاول. وقد كان من نتائجها تلف كثير من الآثار، وذهاب معالمها، فصارت نسيًا منسيًّا. فتكبدت الآثار الجاهلية من أهل الجاهلية، أي في الأيام السابقة للإسلام مثل ما تكبدته وتتكبده الآثار الجاهلية والإسلامية معًا في أيام الإسلاميين حتى اليوم٤.


١ الفهرست "ص١٤٠".
٢ الفهرست "ص١٥١ وما بعدها".
٣ الفهرست "ص١٥٥".
٤ راجع عن فتح القبور الجاهلية للحصول على ما فيها من كنوز، الإكليل "٨/ ١٤٣ فما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>