للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَهَؤُلَاءِ كَانُوا يُقِرُّونَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ الْمُطَهَّرُ يُؤْمِنُ بِهِ قَبْلَ الْوَحْيِ؟! وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْهِ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ} أَنَّ الْإِيْمَانَ، شَرَائِعُ الْإِيْمَانِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

وَقَوْمِهِ هَؤُلَاءِ، لَا أَبُو جَهْلٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١.

وَقَالَ لِنُوحٍ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ٢ يَعْنِي: ابْنَهُ، لَمَّا كَانَ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ.

وَأَمَّا تَزْوِيجُهُ ابْنَتَيْهِ كَافِرَيْنَ، فَهَذَا أَيْضًا مِنَ الشَّرَائِعِ الَّتِي كَانَ لَا يَعْلَمُهَا.

وَإِنَّمَا تَقْبُحُ الْأَشْيَاءُ بِالتَّحْرِيمِ، وَتَحْسُنُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّحْلِيلِ.

وَلَيْسَ فِي تَزْوِيجِهِمَا كَافِرَيْنَ، قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ إنكاح الْكَافرين، وَقيل أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، مَا يُلْحِقُ بِهِ كُفْرًا بِاللَّهِ تَعَالَى.


١ سُورَة إِبْرَاهِيم: الْآيَة ٣٦.
٢ سُورَة هود: الْآيَة ٤٦.

<<  <   >  >>