للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبس من شعر في الرأس مبتسم … ما يفر البيض في اللمم

ظنت (١) مشيبته تبقى وما علمت … أن الشبيبة مرقاة إلى الهرم

ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي … ولا وفائي ولا ديني ولا كرمي

وإنما اعتاص رأسي غير صبغته … والشيب في الرأس غير الشيب في الشيم

بالنفس قائلة في يوم رحلتنا … هواك عندي فسر إن شئت أو أقم

فبحت وحدا فلامتني فقلت لها … لا تعذليه فلم يلؤم ولم يلم

لما صفا قلبه صفت سرائره … والسر في كل صاف غير مكتتم

كيف المقام بأرض لا يخاف بها … لا يرجى شيئا رمحي ولا قلمي

فقبلتني توديعا فقلت لها … كفى فليس ارتشاف الخمر من شيمي

لو لم يكن حمرها ريقها لما انتطقت … بلؤلؤ من حباب الثغر منتظم

ولو تيقنت غير الراح في فمها وزاد … ما كنت ممن يصد اللثم باللثم

ريقها بردا يحدره … على حصني برد من ثغرها الشيم

إني لأطرف (٢) طرفي عن محاسنه … تكرما وأكف الكف عن لمم

ولا أهم ولي نفس تنازعني … استغفر الله إلا ساعة الحلم

لا أكفر الطيف نعمى أنشرت رمما … منا كما تفعل الأرواح بالرمم

والطيف أفضل قولا إن لذته … تخلو من الإثم والتنغيص والندم

حاما حبا (٣) فأغنتنا زيارته … عن اعتساف الفلا بالأنيق الرسم

وصل الخيال ووصل الجود إن وصلت … سيان ما أشبه الوجدان بالعدم

والدهر كالطيف بؤساه وأنعمه … من غير قصد فلا تمدح ولا تلم

لا تمدح الدهر في بأساء يكشفها … فلو أردت دوام البؤس لم يدم

خالف هواك فلولا أن أهوية … سخر لما اقتنص العقبان بالرخم

ترجو الشفاء بجفنيها وسقمهما … وهل رأيت شفاء جاء من سقم

وتدعى الصبا نجد فإن خطرت … كانت جوى لك دون الناس كلهم

وكيف تطفئ صبا نجد صبابته … والريح زائدة في كل مضطرم

أصبوا وأصحوا ولم يكلم ببائقة … عرضي كما تكلم الأعراض بالكلم


(١) في الأصل: «طبت».
(٢) في الأصل: «لا أطرق».
(٣) في الأصل: «حاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>