للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غواية من فارقه، والمنكر لديهم منكر، وجماعتهم متعاضدة عليه متداعية إليه، متناصرة على الأخذ على يد فاعله وإرجاعه إلى الحق، والحيلولة بينه وبين ما قارفه من الأمر المنكر، فعند ذلك لا يبقى أحد من العباد في ظاهر الأمر تاركاً لما هو معروف، ولا فاعلاً لما هو منكر، لا في عبادة، ولا في معاملة فتظهر أنوار الشرع، وتطلع شموس العدل، وتهب رياح الدين، وتعلن كلمة الله في عباده، وترتفع أوامره ونواهيه، وتقوم دواعي الحق، وتسقط دواعي الباطل، وتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو المرجوع إليه، والمعول عليه، وكتابه الكريم وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم هما المعيار الذي توزن به أعمال العباد، وترجع إليهما في دقيق الأمور وجليلها، وبذلك تنجلي ظلمات البدع، وتنقصم ظهور أهل الظلم، وتنكسر نفوس أهل معاصي الله، وتخفق رايات الشرع في أقطار الأرض، ويضمحل جولان الباطل في جميع بلاد الله عز وجل.

وأما إذا كان هذان الركنان العظيمان غير قائمين، أو كانا قائمين قياماً صورياً لا حقيقياً، فهناك كم من بدع تظهر، وكم من منكرات تستبين، وكم من معروف يخفى، وكم من جولات للعصاة وأهل البدع تقوى وترتفع، ومن ظلمات بعضها فوق بعض تتراكم، فتعمى الطريق السوي على الناس، ومن هرج يمرج في العباد، ويبرز للعيان، وتقر به عين الشيطان، وعند ذلك يكون المؤمن كالشاة، والعاصي كالذئب المفترس.

<<  <  ج: ص:  >  >>