للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أن التأويل مبني على قواعد عقلية مخالفة للشرع، ولكل من المتكلمين من المعتزلة والأشعرية والماتريدية فضلاً عن الفلاسفة رأيهم ومنهجهم، فاختلفوا بناء على ذلك فيما يؤولونه ويحرفونه, فأول المعتزلة الصفات كلها وأول الأشعرية والماتريدية بعضها وأول الفلاسفة والباطنية الصفات والأفعال وحتى المعاد وأسماء الملائكة فبالتالي لا يستطيع أحد منهم أن يبين الفرق بين ما يسوغ تأويله وما لا يسوغ تأويله.

٦ - أن المؤول لا يمكنه الرد على منكري البعث ولا على منكري الربوبية من الملاحدة الباطنية وذلك لأن آيات وأحاديث الصفات التي تسلط عليها المتكلم الضال بالتحريف الذي يسميه تأويلاً أكثر وأظهر من آيات البعث وآيات الربوبية ,كما أن المتكلم لا يرجع في تأويله إلى دليل شرعي إنما إلى نظر عقلي يعود إلى مشركي اليونان الوثنيين، فبالتالي لا يستطيع أن يقيم الحجة على منكري البعث ومنكري الربوبية الذين يرجعون في دعاويهم إلى القوم نفسهم.

٧ - أن المتكلمين لم يرجعوا فيما اختلف فيه إلى الكتاب والسنة وإنما رجعوا إلى قوانين الصابئة والمشركين من الفلاسفة الوثنيين وجعلوا القرآن والسنة وراءهم ظهرياً وزعموا أنهم يريدون أن يوفقوا بين العقل والقرآن وصدق فيهم قول الله عز وجل: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} [النساء٦٠ - ٦٢]

٨ - أن التأويل الذي يزعمه المتكلمون للصفات مراعاة لما يسمونه التقديس أو التنزيه يلزم منه لازم مثله في الضلالة أو ربما أكثر منه،وذلك أن المتكلمين إنما أولوا الصفات التي يلزم منها عندهم الجسمية أو نحو ذلك, إلا أنه يلزمهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>