للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبنا أن كل شيء يكون مختصاً بجهة وحيز فإنه مخلوق محدث, وله إله أحدثه وخلقه.١

وصار العقل هو مصدرهم في إثبات الصفات ومعرفة الله عز وجل وقد سبق ذكر قول عبد لجبار المعتزلي: "إن معرفة الله لا تنال إلا بحجة العقل "٢، وقول الغزالي: "وكل ما ورد السمع به ينظر فإن كان العقل مجوزاً له وجب التصديق به... وأما ما قضى العقل باستحالته فيجب تأويل السمع به "٣ وغيرهما.

كما سبق بيان بطلان دعوى التعارض بين العقل الصحيح والنقل الصحيح دعوى تقديم العقل على النقل.

ولأن مقصد المعطلة عموماً من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية بالبراهين العقلية هي التخيلات العقلية والتصورات الذهنية التي وضعها فلاسفة اليونان الوثنيين وزعموا بناءً عليها أن الله عز وجل لا يصح أن يوصف بصفة ثبوتية،صار معتقد المتكلمين أن الله عز وجل لا يوصف بالصفات، أو يوصف ببعض الصفات وينفى عنه البعض الآخر إلا أن المأخذ في ذلك واحد وهو العقل غير المؤسس على الشرع.

وبناءً عليه صار لهم في نصوص الشرع الكتاب والسنة إذا تعارضت مع أدلتهم ونتائجهم مسلكان هما:

١ - رد المعنى وذلك بالتأويل أو التفويض. ٢ - رد النص وعدم قبوله.


١ أساس التقديس ص ٢٥٧.
وقد سبق ذكر قول السنوسي إن أصول الكفر ستة وذكر منها: التمسك في أصول العقائد بظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية. شرح أم البراهين الكبرى ص ٥٠٢.
فهذا الكلام لا شك لم يصدر إلا لتغلغل البدعة في نفوسهم، واعتقادهم أن الله لا يصح أن يوصف بالصفات، فبناء عليه أن من أثبت الصفات فهو مجسم ومن جسم كفر, ونحو ذلك من الهذيان الذي لم يدل عليه دليل لا شرعي ولا حتى عقلي صحيح, ولكن الشبه إذا تعلقت بالقلوب قلبت موازين النظر ومنعته من رؤية الحق مع وضوحه وظهوره.
٢ شرح الأصول الخمسة ص ٨٨.
٣ الاقتصاد في الاعتقاد ص ١٣٢، المستصفى ٢/١٣٧-١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>