للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخالفة الراوية للواقع:

ومما أنكره لمخالفته للواقع:

قال صالح بن أحمد بن حنبل: "وسألته عن حديث رواه نصير بن حمد البرازي، صاحب ابن المبارك، عن عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس ابن مالك رفعه، قال: [من أقرّ بالخراج وهو قادرٌ على أن لا يُقِرّ به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً] فقال: ما سمعنا بهذا، هذا حديث منكر، وقد رُوي عن ابن عمر أنه كان يَكره الدخول في الخراج، وقال: إنما كان الخراج على عهد عمر" (١).

لم أجد حديث أنس هذا، وروى يحيى بن آدم، عن عبيد الله الأشجعي، عن سفيان بن سعيد، عن الزبير بن عدي، عن رجل من جُهينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أقرّ بالخراج بعد أن أنقذه الله عز وجل منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (٢) قال ابن رجب: وهذا أشبه، والجهني مجهول (٣) رجحه لأن عثمان بن زائدة وإن كان ثقة (٤) إلا أن الثوري أوثق منه، فقوله أشبه بالصواب.

والإمام أحمد أنكره لمخالفته للواقع، وذلك أن الخراج لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان في زمن عمر (٥)، فكيف يأتي الوعيد على المقرّ به وهو لم يكن بعدُ؟


(١) مسائل الإمام أحمد ـ برواية ابنه صالح ١/ ٢٨٠ رقم ٢٢٢. ونقل ابن أبي حاتم هذا السؤال عن صالح في "علل ابن أبي حاتم" ٢/ ٤٤١ ح ٢٨٣٠. وذكر ابن رجب عن الميموني أنه كتب إلى أحمد يسأله عن هذا الحديث فأجابه بنحو ما ذكره هنا الاستخراج لأحكام الخراج ٧.
(٢) الخراج ليحيى بن آدم القرشي ص ٥٤ ح ١٥٠.
(٣) الاستخراج لأحكام الخراج ص ٨.
(٤) قال عنه ابن حجر: ثقة زاهد تقريب التهذيب ٤٤٩٩.
(٥) انظر: أحكام أهل الذمة ١/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>