للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراوي: "أنّ فلاناً قال"، فالذي ورد عن الإمام أحمد يدل على أن هناك تفصيلاً في الحكم عليه بالاتصال.

قال أبو داود: "سمعت أحمد يقول: كان مالكٌ ـ زعمهوا ـ يرى عن فلان وأنّ فلاناً سواء، ذكر أحمد مثل حديث جابر: "أن سُليكاً جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب"، أو عن جابر، عن سُليك: "أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب" سمعت أحمد قيل له إن رجلاً قال: [عروة أنّ عائشة قالت: يا رسول الله]، وعن عروة عن عائشة سواء؟ فقال: كيف هو سواء؟ أي ليس هو بسواءٍ" (١)

فهذه الرواية عن الإمام أحمد تدل على أن الإسناد المؤنن له صورتان، ولكل منهما حكم خاص، أوضحهما ابن رجب في شرح علل الترمذي (٢):

الصورة الأولى: أن يكون القول المحكي عن الراوي عن شيخه، أو الفعل المحكي عنه بالقول مما يمكن للراوي سماعه أو مشاهدته منه، فالحكم في هذه الحالة هو الاتصال إلا أن يكون الراوي معروفاً بالتدليس فلا يحكم حينئذ بالاتصال حتى يصرح بالسماع.

وهذا ما أشار إليه الإمام أحمد فيما ذكره من رواية جابر لقصة سُليك، فإنه يمكن أن يكون جابر شهد ذلك وحضره، فقال: أن سليكاً جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب؛ ويمكن أن يكون رواه عن سُليك، فقال: عن سُليك أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب. وهناك وجه آخر لقوله: عن سُليك، وهو أن يكون قصد حكاية قصته والتحديث عن شأنه، ولم يقصد الرواية عنه. وقد حكى الدارقطني عن موسى بن هارون الحافظ أن المتقدمين كانوا يفعلون ذلك.


(١) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص ٤٢٧ رقم ١٩٧٨. وانظر: الكفاية في علم الراوية ص ٥٧٥، فقد رواه عن أبي داود.
(٢) شرح علل الترمذي ٢/ ٦٠١ - ٦٠٥، والكلام له نقلته عنه بتصرف كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>