للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزّابكم، بالشياطين تتمرسون؟ ما للشياطين من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجين، أوليك المطهّرون المبرّؤون من الخَنا، ويحك، ياعكاف! إنهن صواحب أيّوب، وداود، وكُرسف، ويوسف". فقال له بشر بن عطية: ومن كُرسف يا رسول الله؟ قال: "رجل كان يعبد الله من سواحل البحر ثلاث مئة عام، يصوم النهار ويقوم الليل، ثم إنه كفر بالله العظيم في سبب امرأة عشقها، وترك ما كان عليه من عبادة ربه، ثم استدركه الله ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف، تزوج! وإلا أنت من المذبذبين، " قال: زوجني يا رسول الله، قال: "فزوجه كريمة ابنةَ كُلثوم الحميري" (١). فوقع في الإسناد التصريح بالسماع بين محمد بن راشد ومكحول كما ذكر أبو داود في سؤاله هذا للإمام أحمد، وورواه الإمام أحمد عن عبد الرزاق بالعنعنة بين محمد بن راشد ومكحول (٢). وذكر الحافظ ابن حجر أن ابن مندة رواه من طريق محمد بن أبي السري عن عبد الرزاق، لكن لم يسق الإسناد حتى تتبين صيغة التحمل فيه، وفيه التصريح بأن الرجل المبهم في الإسناد هو غضيف بن الحارث (٣).

وجه إعلال الإمام أحمد للحديث:

أعله الإمام أحمد بأن ذكر السماع في الإسناد بين محمد بن راشد ومكحول لم يكن في كتاب عبد الرزاق، وإنما حدث به من حفظه فوهم، ولذلك لما روى الإمام


(١) مصنف عبد الرزاق ٦/ ١٧١ رقم ١٠٣٨٧. وورد في الإسناد في سؤال أبي داود أن محمد بن راشد يروي الحديث عن سليمان بن موسى، وذكر سليمان بن موسى هنا خطأ، فلم يذكر في إسناد عبد الرزاق في هذا الموضع ولا في مسند أحمد الذي رواه من طريق عبد الرزاق كما سيأتي، ولا في إتحاف المهرة ١٤/ ٢٣٢. وإنما ورد ذكره في إسناد الحديث كما رواه الشاميون: بقية بن الوليد، ووليد بن مسلم انظر: مسند أبي يعلى ١٢/ ٢٦٠ ح ٦٨٥٦، تاريخ واسط ص ٢١٣.
(٢) مسند الإمام ٣٥/ ٣٥٥ ح ٢١٤٥٠.
(٣) القول المسدد ص ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>