للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث عنده عن سفيان، وسماع أحمد من عبد الرزاق كان قبل ذهاب بصره، فليست العلة من أجل قبوله التلقين، وإنما دخل الوهم عليه لأنه كان يضطرب في بعض أحاديثه عن الثوري، وهي التي سمعها بمكة، قال أحمد في رواية الأثرم: "سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان مضطرب جداً" (١)، فلذلك روي عنه هذا الحديث عن الثوري من ثلاثة أوجه: الأول: ما ذكره أحمد، عن الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن أبي الأشهب؛ والثاني ما رواه الطبراني عنه عن الثوري، عن عاصم، عن سالم عن أبيه؛ والثالث: أشار إليه ابن حبان بعد روايته للحديث من طريق محمد بن أبي السري عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن سالم عن أبيه، قال: قال عبد الرزاق: وزاد فيه الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد: "ويعطيك الله قرة العين في الدنيا والآخرة" (٢). فهذا التلون في رواية الحديث الواحد يدل على الاضطراب مما يقوي الظن بأنه من سماع مكة، والله أعلم.

وقد وافق الإمام أحمد على إنكار هذا الحديث على عبد الرزاق من كلا الطريقين عدد من الحفاظ، فيما يلي أقوالهم:

قال الإمام البخاري: وكلا الحديثين لا شيء، ورجح أن حديث أبي الأشهب من رواية أبي نعيم عن الثوري هو أصح مع إرساله.

قال الإمام أبو حاتم: هذا حديث ليس له أصل من حديث الزهري، ولم يرض عبد الرزاق حتى أتبع هذا بشيء أنكر من هذا فقال: حدثنا الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، وليس لشيء من هذين أصل … وإنما هو معمر عن الزهري مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم (٣).


(١) شرح علل الترمذي ٢/ ٧٧٠. وانظر: الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم ص ٨٧.
(٢) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ١٥/ ٣٢١.
(٣) علل ابن أبي حاتم ١/ ٤٨٧ - ٤٨٨. وانظر الكتاب نفسه ١/ ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>