للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمه تعالى ولم يؤثر في إرادته ولم يحمله على شيء لم يكن ليفعله لولاه ... " ١.

ثم يبين الشيخ رشيد ـ بعد هذا التقرير ـ أن الشفاعة الواقعة من العامة وغيرهم ـ هي من جنس الشفاعة المنفية، فيقول: " ... ومن هذا التقرير يفهم أن ما عليه أكثر العامة من الاستشفاع بالأولياء وأصحاب القبور المعلومين والمجهولين لأجل دفع المكاره وجلب المنافع هو من النوع الأول الذي منعه الدين، ويخل بالاعتقاد الصحيح بالله تعالى ... " ٢.

ويقول: "وأما الشفاعة الثابتة في الأحاديث فهي غير هذه، ولا تنافي التوحيد وكون الشفاعة لله جميعاً، وسيأتي بيانه ... " ٣. ثم يبين الشيخ رشيد ـ كما وعد ـ هذه الشفاعة الجائزة الثابتة بالشرع فيقول: "وأما العفو وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فهي عبارة عن دعاء يدعو به يوم القيامة فيستجيبه الله تعالى له فالحكمة في الأول ـ يعني العفو ـ أن لا ييأس المسرف على نفسه ... والحكمة في الثاني ـ يعني الشفاعة ـ إظهار كرامة للشافعين، على أنهم لا يشفعون إلا بإذنه ولمن ارتضى ... " ٤.

فهذه حقيقة الشفاعة الثانية، فالشفعاء لا يؤثرون في إرادته تعالى فيحملونه على العفو عن المشفوع لهم، وإنما هي إظهار كرامة وجاه لهم عنده لا إحداث تأثير للحادث في صفات الله ٥.

وكذلك فإن الشفاعة الثابتة لا تنفع إلا الموحدين، كما يقول الشيخ رشيد: " ... وإن الشفاعة لا تنال أحداً يشرك بالله تعالى شيئاً" ٦.


١ مجلة المنار (٧/ ٤٩٨ ـ ٤٩٩)
٢ المصدر نفسه والصفحة.
٣ تفسير المنار (١/ ١٢١)
٤ مجلة المنار (٢/ ٣٦ ـ ٣٧)
٥ تفسير المنار (٨/ ١٣)
٦ المصدر نفسه (٧/ ٢٧٣)

<<  <   >  >>