للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ١ وقال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ٢، وإذا كان الملائكة المقربون إلا بعد إذن الله ورضاه، فكيف تشفع الأصنام لمن عبدها، فهذه الآية ترد على من عبد الملائكة والأنبياء والصالحين لشفاعة أو غيرها.

وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ... } ٣.

وفي هذه الآية قطع اله تعالى كل أسباب الشرك التي قد يتعلق بها المشركون، فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يحصل له به من النفع، والنفع لا يكون إلا ممن يكون فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريده العابد، أو شريكاً، أو معيناً له وظهيراً، أو شفيعاً عنده تقبل شفاعته، فنفى الله تعالى هذه المراتب الأربع نفياً مرتباً متنقلاً من الأعلى إلى الأدنى فنفى الملك والشركة، والمظاهرة والشفاعة التي يطلبها المشرك وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشفاعة بإذنه ولمن رضي له ذلك ٤.

وقد تكلم الشيخ رشيد عن هذه الشفاعة ـ باعتبارها من مظاهر الشرك التي وقع فيها المشركون قديماً وحديثاً ـ من عدة نواحٍ.

فلقد بين الشيخ رشيد أن الشفاعة هي أصل شبهة المشركين والحجة التي تعلقوا بها في شركهم. فقال بعد أن أورد قوله تعالى: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ٥ وقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ٦ "فهذه الشبهة


١ سورة البقرة، الآية (٢٥٥)
٢ سورة النجم، الآية (٢٧)
٣ سورة سبأ، الآية (٢٢ـ ٢٣)
٤ انظر: سليمان بن عبد الله: تيسير العزيز الحميد (ص: ٢٨٥)
٥ سورة يونس، الآية (١٩)
٦ سورة الزمر، الآية (٤)

<<  <   >  >>