قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على استقلال الجملة التى هى قوله عز اسمه: {اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}.
ألا ترى أنه لا ضمير فى قوله:«نزل عليك الكتاب»؛ يعود على اسم الله تعالى؟ فعلى هذا ينبغى أن تكون جملة مستقلة أيضا فى قول من شدّد الزاى ونصب الكتاب، فيكون اسم الله مرفوعا بالابتداء، وقوله:{لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} خبر عنه، ويكون {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} صفة له وثناء عليه. وإن شئت جعلت قوله:{لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} ثناء عليه معترضا بين المبتدأ والخبر، ويكون {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} خبرين عنه، كحلو حامض.
وإن شئت جعلت قوله:{لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} خبرا عنه، و {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أيضا خبرين عنه، فيكون له ثلاثة أخبار.
وإن شئت أن تخبر عن المبتدأ بعشرة أخبار أو بأكثر من ذلك جاز وحسن؛ لما يتضمّنه كل خبر منها من الفائدة، فكأنه أخبر عنه وأثنى عليه، ثم أخذ يقصّ الحديث فقال:
«نزل عليك الكتاب».
ومن شدّد الزاى ونصب «الكتاب» جاز أن يكون على قوله خبرا رابعا، وجاز أن يكون أيضا جميع ما قبل نزل ثناء وإعظاما، ويفرد قوله:«نزل عليك الكتاب» فيجعل خبرا عنه، كقولك: الله سبحانه، وجل ثناؤه، وتقدست أسماؤه يأمر بالعدل وينهى عن السوء. وفيه أكثر من هذا، إلا أن هذا مقنعا بحمد الله.
***
{أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ}(٣٩) ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد الأعرج: «أن الله يبشرك»، بضم الياء، وسكون الباء، وكسر الشين خفيفة.