وَاللَّام لَا يفارقانهما، لِأَنَّهُمَا صفتان، وَلم يكثر استعمالهما، ففارقتا اسْم الله تَعَالَى، وَكَذَلِكَ لَو سميت رجلا بِالْحَارِثِ وَالْعَبَّاس، لم يجز إِدْخَال (يَا) عَلَيْهِمَا لما ذَكرْنَاهُ فِي قلَّة استعمالهما، وَلِأَن الْألف وَاللَّام ليستا فِيهِ بعوض من حرف، فقد بَان لَك اسْم الله تَعَالَى لم اخْتصَّ بِمَا لَا يُشَارِكهُ فِيهِ اسْم، فَلهَذَا جَازَ أَن يخْتَص بِدُخُول (يَا) عَلَيْهِ، وَاعْلَم أَنَّك إِذا ناديته تَعَالَى قطعت أَلفه: يَا ألله اغْفِر لي، وَإِنَّمَا قطعت الْألف لتدل بقطعها أَنَّهَا فِي هَذَا الْموضع قد خَالَفت سَائِر مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام، لِأَن هَذَا اسْم قد نُودي نِدَاء مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام أَصْلِيَّة، فَوَجَبَ أَن يُؤْتى بلفظها على لفظ الْألف وَاللَّام الْأَصْلِيَّة، ليطابق لَفظهَا الحكم الَّذِي قد اخْتصّت بِهِ، إِن شَاءَ الله.
وَاعْلَم أَنه يجوز أَن تدخل ميما مُشَدّدَة آخر هَذَا الِاسْم بَدَلا من (يَا) ، فلهذه الْعلَّة شددت ليَكُون التَّشْدِيد بِمَنْزِلَة (يَا) إِذْ كَانَت حرفين، فَتَقول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي، فتجري مجْرى: يَا ألله اغْفِر لي، وَلَا يحسن الْجمع بَينهمَا إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر، وَإِنَّمَا فتحت الْمِيم لِأَن الْحُرُوف أَصْلهَا السّكُون، فَإِذا زيدت الميمان، وهما ساكنان، لم يجز الْجمع بَين ساكنين، فحركت الْمِيم الثَّانِيَة بِالْفَتْح لالتقاء الساكنين، وَصَارَ الْفَتْح أولى لخفته وَثقل التَّشْدِيد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute