وَيُكَفِّرُ} [الْبَقَرَة: ٢٧١] قرئَ (يكفر) بِالثَّلَاثَةِ وَإِذا نصبت الْفِعْل بعد فعل الْجَزَاء وعطفت فعلا آخر فلك فِيهِ أَيْضا الرّفْع وَالنّصب والجزم نَحْو إِن تأتني أحسن إِلَيْك وأزورك وَأكْرم أَخَاك فَيجوز رفع (أكْرم) استئنافا ونصبه عطفا على لفظ (أزورك) وجزمه عطفا على مَوْضِعه لِأَنَّهُ يجوز فِيهِ أَن يكون مَجْزُومًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَنه يجوز النصب بعد أَفعَال الشَّك نَحْو حسبته شَتَمَنِي فأثب عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَن الْفِعْل غير الْمُحَقق قريب من الْمَنْفِيّ فَألْحق بِهِ فِي النصب بعده قَالَ وَقد اضْطربَ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ابْن عُصْفُور فَأَجَازَهُ فِي شرح القانون وَمنعه فِي شرح الْجمل الْكَبِير قَالَ وَالصَّحِيح جَوَاز ذَلِك وَإِلَيْهِ ذهب سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَزَاد بعض أَصْحَابنَا من مَوَاضِع النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو النصب بعدهمَا بعد جَوَاب الْقسم لِأَنَّهُ غير وَاجِب وَجَوَابه كجواب كجواب الشَّرْط فَمَا جَازَ فِيهِ نَحْو أقسم لتقوم فَيضْرب زيدا وَلَتَقُومَنَّ فتضربه قَالَ وَهَذَا الْمَذْهَب لم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ فِي الْقسم وَقِيَاس قَوْله فِي الشَّرْط يَقْتَضِيهِ على ضعيفه قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذهب إِلَيْهِ هَذَا الذَّاهِب لَا يجوز لِأَنَّهُ لم يسمع من كَلَام الْعَرَب على كَثْرَة الْأَقْسَام على ألسنتهم بل المسموع أَنَّك إِذا عطفت على جَوَاب الْقسم كَانَ حكمه حكم الْجَواب فَمَا جَازَ فِي الْجَواب جَازَ فِي الْمَعْطُوف انْتهى وَزَاد ابْن مَالك فِي مَوَاضِع النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو النصب بعدهمَا بعد حصر (بإنما) كَقِرَاءَة ابْن عَامر: {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونَ} [الْبَقَرَة: ١١٧] بِالنّصب قَالَ ابْنه وَهَذَا نَادِر لَا يكَاد يعثر على مثله إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَغَيره جعل الْآيَة من جَوَاب الْأَمر وَهُوَ (كن) وَإِن لم يكن أمرا فِي الْحَقِيقَة لكنه على صورته فعومل مُعَامَلَته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute