للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا تقبَلُ روايتُهُمْ، سواءٌ كانوا يعتقدون حرمةَ الكَذِبِ أم لا؛ كما أن الكافِرَ لا تُقْبَلُ منه، وإن عُلِمَ منه التديُّن والتحرُّز عن الكذب؛ إذْ لا وُثُق به في الجملة، مع شَرَف مَنْصِبِ الرواية؛ نعم، إن أسلَمَ الكافرُ، أو تاب الفاسقُ - قُبِلَتْ منهما، ولو تحمَّلاها، قُبِلَ،

و أمَّا من لزمه الكُفْر؛ كالمكفِّرات التي انضمَّتْ إلى بدعة المُعْتزلةِ، والشِّيعةِ -: فتُقْبَلُ روايتُهُ ما لم يكُنْ داعيًة، أي يدعو الناسَ إلى بدعته؛ لأنه لا يُؤْمَنُ أن يضَعَ الحديثَ على وَفَقِ بِدْعته؛ وهذا قولُ مالك - كما حكاه القاضي عبد الوَهَّاب (١) - وقيل: إنه مذهبُ أحمد (٢)؛ ورجَّحه ابن الصَّلاح في "علوم الحديث" (٣)، وتَبِعَهُ على ترجيحه النوويُّ (٤) وغيره -


(١) هو عبد الوهاب بن علي بن نسر البغدادي أبو محمد من فقهاء المالكية توفى سنة اثنين وعشرين وأربع مئة. انظر "تاريخ بغداد" (١١/ ٣١)، "الديباج المذهب" (٢/ ٢٦) قلتُ وما حكاه عن مالك فيه نظر وإنما هو فهمٌ فهمه من كلام الإمام مالك، وفهم غيره من الأئمة خلافه، وما فهمه القاضي عبد الوهاب خلاف المعروف عن الإمام مالك من القول برد رواية المبتدع مطلقًا. كما حكاه عنه الخطيب في "الكفاية" (١٩٤).
وقال السخاوي: "على أن القاضي عبد الوهاب في الملخص فهم من قول مالك: "لا تأخذ الحديث عن صاحب هوى يدعو إلى هواه" التفصيل، ونازعه القاضي عياض، فإن المعروف عنه الرد مطلقًا … وإن كانت هذه العبارة محتملة" "فتح المغيث" (٢/ ٦٥).
(٢) قال الفتوحي: بعد أن ذكر هذا القول -: "و هذا الصحيح عن الروايات عن الإمام أحمد ، لعدم علة المنع ولما في الصحيحين وغيرهما من الرواية عن المبتدعة. كالقدرية والخوارج والمرجئة، ورواية السلف والأئمة عنهم".
شرح الكوكب المنير (٢/ ٤٠٣) والكفاية (١٤٩)
(٣) مقدمة "ابن الصلاح" ص (١٥) مع "التقييد والإيضاح". قال: "وهذا مذهب الكثير أو الأكثر".
(٤) "التقريب والتيسير" (١/ ٣٢٥) مع "التدريب" وقال: وهذا هو الأظهر والأعدل وقول الكثير أو الأكثر".
وهو اختيار العلامة المعلمي اليماني، حيث قال في "التنكيل" (١/ ٥٢) - بعد بحثٍ ماتع ذكر فيه أقوال الأئمة في ذلك ووجه ترجيح هذا القول - قال : "و بما تقدم يتبين صحة إطلاق الأئمة قبول غير الداعية إذا ثبت صلاحه وصدقه وأمانته، ويتبين أنهم إنما نصوا على رد المبتدع تنبيهًا على أنه لا يثبت له الشرط الشرعي للقبول، وهو ثبوت العدالة". اه

<<  <   >  >>