للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

أَيْضا نقلت إِلَى عضد الدولة فزادت فِي استيحاشه مِنْهُ وأنهض من حَضرته من طَالبه بالأموال وعذبه بأنواع الْعَذَاب وَيُقَال إِنَّه سمل إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَقطع أَنفه وجز لحيته

وَفِي تِلْكَ الْحَال يَقُول وَقد أيس من نَفسه وَاسْتَأْذَنَ فِي صَلَاة رَكْعَتَيْنِ ودعا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب

(بدِّلَ من صُورَتيَ المنظَرُ ... لكنَّهُ مَا غُيرَ المخبرُ)

(ولسْتُ ذَا حُزْنٍ على فائتٍ ... لَكِن على من باتَ يَسْتَعْبِرُ)

(وواله الْقلب لما مسني ... مُسْتَخبرٌ عني وَلَا يخبر) // السَّرِيع //

وَحدث أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب قَالَ كَانَ أَبُو الْفَتْح قبل النكبة الَّتِي أَتَت على نَفسه قد لهج بإنشاد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي أَكثر أوقاته وَلست أَدْرِي أهماله أم لغيره وهما

(سكنَ الدُّنيا أناسٌ قبلنَا ... رَحلوا عَنْهَا وخلوها لنا)

(ونزلناها كَمَا قد نزلُوا ... ونُخَلِّيهَا لقومٍ بَعدنَا) // الرمل //

وَلما تَيَقّن بهلاكه وَأَنه لَا ينجو مِنْهُم ببذل المَال مد يَده إِلَى جيب جُبَّة كَانَت عَلَيْهِ ففتقه عَن رقْعَة فِيهَا مَكْتُوب مَا لَا يُحْصى من ودائعه وكنوز أَبِيه وذخائره وَأَلْقَاهَا فِي كانون كَانَ بَين يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ للْمُوكل بِهِ الْمَأْمُور بقتْله اصْنَع مَا أَنْت صانع فوَاللَّه لَا يصل من أَمْوَالِي المستورة إِلَى صَاحبك الدِّرْهَم الْوَاحِد فَمَا زَالَ يعرضه على الْعَذَاب ويمثل بِهِ حَتَّى تلف

وَفِيه يَقُول بعض الشُّعَرَاء المتعصبين لَهُ

(آلَ العميدِ وَآل برمك مالكم ... قَلّ المُعينُ لكُمْ وقَلّ النَاصِرُ)

(كَانَ الزَّمَان يحبكم فبداله ... إِنَّ الزَّمَان هُوَ المحبُّ الغادرُ)

ورثاه كثير من الشُّعَرَاء بغرر القصائد

<<  <  ج: ص:  >  >>