للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك منى (١) أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه

الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى وأني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية (٢) والمسائل العملية (٣) وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية " وذكر أمثلة ثم قال: " وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حق لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين " إلى أن قال: " والتكفير هو من الوعيد فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين (٤) في الرجل الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فو الله لئن قدر الله على ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين ففعلوا به ذلك فقال الله ما حملك على ما فعلت قال خشيتك فغفر له "فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا" ا. هـ

وبهذا علم الفرق بين القول والقائل وبين الفعل والفاعل فليس كل


(١) وهي العقائد. = = = = = =
(٢) هذه جملة معترضة.
(٣) وهي الفروع أي الفقه.
(٤) رواه البخاري مع الفتح (١٣/٤٧٩) ، ومسلم مع النووي (١٧/٧٠) وانظر شرح الحديث فيهما واختلاف العلماء في معناه. = = = = = =

<<  <   >  >>