للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابق إلى فهمه أو صف الله تعالى بالغ من الكمال والجلال ما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين فيكون قلبه مستعداً للإيمان بصفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن والسنة الصحيحة مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق على نحو قوله: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:١١] ا. هـ كلامه رحمه الله.

والأشعري أبو الحسن رحمه الله كان في آخر عمره على مذهب أهل السنة والحديث وهو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف

ولا تمثيل ومذهب الإنسان ما قاله أخيراً إذا صرح بحصر قوله فيه (١)

كما هي الحال في أبي


(١) إذا وجد للإنسان قولان مختلفان وعلم المتأخر فله حالان:
أ - أن يصرح بقوله الأخير بالرجوع عن القول الأول فإن الأخير يكون مذهباً له وهذا مراد المؤلف من قوله إذا صرح بحصر قوله فيه، وظاهر كلام الأصوليين ان هذا لا خلاف فيه.
ب - ألا يصرح بالرجوع فجمهور العلماء على ان القول الأخير هو مذهبه وذهب بعض الحنابلة والشافعية إلى أن الأول هو مذهبه ما دام انه لم يصرح بالرجوع
انظر إتحاف ذوي البصائر د. النملة (٨/١٦٢) .
وقال الطوفي في شرح البلبل (٣/٦٢٥) :

إذا أطلق المجتهد قولين في وقتين فإن علم آخر القولين فهو مذهبه دون الأول فلا يجوز بعد رجوعه عنه أن يفتى به ولا يقلد فيه ولا يعد من الشريعة كالناسخ والمنسوخ في كلام الشارع ويبقى العمل على الناسخ المتأخر ويترك المنسوخ المتقدم من جهة العمل به، لأن نصوص الأئمة بالإضافة إلى مقلديهم كنصوص الشارع بالإضافة إلى الأئمة.
فإن قيل: إذا كان القول القديم المرجوع عنه لا يعد من الشريعة بعد الرجوع إليه فما الفائدة في تدوين الفقهاء للأقوال القديمة عن أئمتهم؟ حتى ربما نقل عن أحدهم في المسألة الواحدة القولان والثلاثة والأربعة.
قيل: قد كان القياس أن لا تدون تلك الأقوال وهو أقرب إلى ضبط الشرع إذ ما لا عمل عليه لا حاجة إليه فتدوينه تعب محض لكنها دونت لفائدة أخرى وهي التنبيه على مدارك الأحكام واختلاف القرائح والآراء وأن تلك الأقوال قد أدى إليها اجتهاد المجتهدين في وقت من الأوقات وذلك مؤثر في تقريب الترقي إلى رتبة الاجتهاد المطلق أو المقيد فإن المتأخر إذا نظر إلى مآخذ المتقدمين نظر فيها وقابل بينها فاستخرج منها فوائد وربما ظهر له من مجموعها ترجيح بعضها وذلك من المطالب المهمة فهذه فائدة تدوين الأقوال القديمة عن الأئمة ا. هـ = = = = = =

<<  <   >  >>